صديقي.. هل أنت ميزان؟
تغيب عنه لأعوام ثم تلتقيان، وبعد التحايا القصيرة يقفز لتقييمك وتقييم حياتك وقراراتك: وزنك زائد، لديك تجاعيد، لما لم تواكب الموجة فتشفط هنا وتنفخ هناك؟ لما تعمل في هذه الوظيفة البائسة؟ كيف تزوج ابنتك من فلان؟ … إلخ إلخ إلخ، عجيب أمر هؤلاء غرباء كانوا أم أقرباء، هل حقًا يظنون أن هذا ما ننتظره منهم؟ هل فقدوا فن ذوق الحديث لدرجة اعتقاد أن إطلاق الأحكام والتعليقات المسيئة وادعاء أنهم أدرى بما يناسبنا منا هو من «الظرافة» أو من لائق الحديث أم تراه من النصح مثلاً؟
في الحقيقة هناك ثلاث قواعد بسيطة يمكنها أن تزيل اللبس بين النصيحة الإيجابية وبين الجرح والإساءة والتدخل فيما لا يعنينا، الأول والأهم: هل بلغك أن فلانًا أو فلانة في حيرة من أمرهم أم تراهم طلبوا رأيك؟ هل تمت استشارتك يا خبير زمانك الفذ أم ماذا؟ إن كان الجواب لا، فأنت يا عزيزي تفرض نفسك وتثقل بتدخلك على صاحب الشأن لا غير.
القاعدة الثانية التي عليك مراجعتها قبل أن تفتح فمك، ما الدائرة الاجتماعية التي تجمعك والمُخاطَب؟ هل تعرف خلفية قراراته؟ هل أنت مُطّلع على وضعه الاجتماعي والاقتصادي والصحي؟ إن لم تكن تعرف أيًا من ذلك فأنت تُفتي بجهل، بل لعلك تُقلّب باقتراحك هذا بعض المواجع وتذر الرماد في العيون.
القاعدة الثالثة والأخيرة: أتراك تدلي بدلوك قبل اتخاذ القرار أم بعد القرار؟ إن وقعت الفأس في الرأس ولا مجال للتراجع وطارت الطيور بأرزاقها، فقد تأخرت كثيرًا يا صديقي، وما قولك إلا من باب التقريع واللوم المذموم وليس من النصح في شيء.
أعزائي القراء، غدًا حين تلتقون بصديق أو تزورون صفحاته على وسائل التواصل فتتأملون صورته الشخصية الحديثة، تذكروا أنه ينتظر منكم الدعم والحب والكلمة الطيبة، وأنكم لستم مرآة سحرية كاشفة للعيوب وبالتأكيد أنتم لستم ميزانًا.