«الأمومة».. أكون أو لا أكون
تلعب الصبايا بالدمى وأواني الطبخ، بينما يُمنع الصبية من ذلك، هكذا واعتمادًا على الغريزة والتعزيز الاجتماعي والتربوي يتم توزيع الأدوار مبكرًا جدًا، فتكبر الفتيات، ومن المتوقع منهن والبديهي أن دور رعاية الصغار والعناية بالمنزل يقع على كاهلهن بنسبة كبيرة جدًا، في حين أن دور الأب وخصوصًا في أعوام أطفاله الأولى، يبدو ضئيلًا أو هامشيًا، بل وتفضّلي في طبيعته.
لم تجد السيدات عبر التاريخ أي مضاضة من لعب هذا الدور، حين كان دورهن الوحيد تقريبًا، لكن اليوم بعد تعدد الأدوار المنوطة بالمرأة، هل تم تعديل تلك النسب؟ وهل منحت الأمهات الدعم الاجتماعي والقانوني الكافي ليتمكنّ من ممارسة جميع أدوارهن بسلاسة؟.
منذ بدايات القرن العشرين اقتحمت المرأة سوق العمل، إلا أنها منذ ذلك الوقت وحتى اليوم تواجه تضاربًا كبيرًا بين دورها الاجتماعي ودورها العملي، فبيئة العمل وقوانينه حتى اليوم ليست صديقة للأمومة، أو بحاجة للمزيد من التحسين على أقل تقدير، ولسنا هنا بصدد الحديث عن إجازة الوضع ورعاية المولود القصيرة نسبيًا في أكثر دول العالم أو عدم وجود حضانات داخل مواقع العمل فحسب، بل هناك عامل أهم يجعل الأم تقف كالمخيرة بين الحفاظ على وظيفتها بعد الإنجاب أم لا.
لا تزال المرأة عالميًا تتلقى أجرًا أقل من نظيرها الرجل، قد يصل إلى النصف في بعض الأحيان، وتدني الأجور الملحوظ هذا يخلق تقاربًا كبيرًا بين ما تكسبه المرأة وبين تكلفة رعاية الصغار في أوقات غياب الأم، الأمر الذي يجعل السيدات أمام خيار الحفاظ على الوظيفة دون مردود مادي يذكر، أو اختيار الاكتفاء بلعب دور الأمومة.
إن انسحاب العديد من الخبرات الشابة بعد حصولها على التدريب والتأهيل لعجزها عن مواصلة العمل بعد الإنجاب يعد مشكلة اقتصادية ذات حدين، فهي من جهة ترسم تصورًا عامًا أن السيدات أقل ولاءً والتزامًا بالعمل، ومن الجهة الأخرى تخلق التزعزع المرافق لتعيين موظف جديد دون خبرات كانخفاض الجودة أو الإنتاج.
أما عن الجانب الاجتماعي، فإن المسؤوليات الأسرية داخل المنزل لا تزال ملقاة بنسبة عالية - تصل إلى 75 في المائة حسب إحدى الدراسات الفرنسية - على كاهل السيدات رغم قضائهن ساعات طويلة خارج المنزل، أصبحت السيدات وبالخصوص الأمهات العاملات يرزحن تحت العديد من الأعباء عندما لم يطل تغيير الأدوار شركاءهن الرجال.
ففي حين تقاسمت الزوجة مع زوجها دور الإعالة لم يتقاسم الزوج المسؤوليات الأسرية معها، لذا ولخلق مجتمع أكثر توازنًا وسعادة، علينا جميعًا تصحيح تلك النسب ودعم الأم والمرأة.