”المعرس له العروس والطقاقة لها الفلوس“
هذه المرة الأولى التي أتناول فيها شيء عن الرياضة ولكن ماجعلني اكتب هذه المرة هو أطفالنا وانتقال سلوكيات التعصبية الرياضية للأطفال، وهذا نذير شر وغلق على الأهالي الأنتباه له..
هذا مايقال في الأمثال الشعبية والتي أكل الدهر وشرب عليها، ولكن بما أننا نعيش طفرة القرن الواحد والعشرون، فمن المعقول أن تتغير فيها أمور لا نود أن نغيرها، وان نستوعب عادات وسلوكيات دخيلة ولم تكن بهذا السوء من قبل..
سلوك الرياضيين ”شجع ناديك“ ماذا يعني أمك تشجع نادي الهلال، أو النصر، أو القادسية، أو الفتح، أو الأتحاد، أو أي نادي، ماذا يعني لك؟
هل أنت يا سيدي المواطن الذي تصرخ في المدرجات، ويرتفع ضغطك وينخفض معدل السكر في جسدك، وتنهار معنوياتك، هل يحق لك أن تعيش هذه الحالة النفسية من السلوكيات، على المدرجات أو كانت خلف الشاشات في المنزل..
عادة دخيلة ولم نكن نعيشها، ولم نكن نستوعب بان يصل فينا المستوى في المملكة العربية السعودية، وبين المشجعين الرياضيين ”متعصبين“ حتى النخاع، متعصب أي أنك ياسيدي تفضل رأيك ووجهة نظرك وناديك على غيره، أضف على ذلك بانك تراه النادي المقدس الذي لايقبل الإشارة عليه بالهزيمة، ولابد له أن يحقق الكؤوس والأنتصارات المتلاحقة على غيره من النوادي الرياضية..
هل أستوعبت ياعزيزي الرياضي، ويا حضرة رئيس النادي، حينما تتراقص فرحاً وتسلك سلوكك السيء، وحينما تدمع عيناك ويغمى عليك، وتدخل العناية المركزة، وتفقد فيها حياتك، ويبكون أبنائك وبناتك ومجتمعك عليك، ماذا نقول لهم..؟
هل أستشهد والدكم في الحرب ونال شرف الشهادة والجهاد في سبيل الله؟
أم أستشهد في طلب الرزق وهو ذاهب لمجال عمله، وقع عليه ماوقع، ومات؟
أم نقول لهم أن الشهيد رحمه الله، كان من الراكعين والساجدين وأول المصلين في الجماعة، وأستشهد وهو يقرأ ويرتل القرآن الكريم..؟
أرحمونا من هذه السلوكيات وهذه التصرفات، والعنصرية والتعصبية البغضية في كورة القدم..
ماأحد درى عنگ..
ماأحد درى عنگ..
مت والنادي اللي تشجعه مادرى عنك..!
أنهارت أعصابك واللاعب اللي تحرق أعصابك عليه مادرى عنك..!
وأزيدك من الشعر بيت..
أنك تحرق أيامك ووقتك بلا ثمن، وفي المقابل يأتيك اللاعب المفضل حامل الفانيلة رقم 8 أو 9 أو 11، ويؤمن على حياته بمبلغ عشرين مليون ريال، ويؤمن على قدمه بمبلغ 200 مليون ريال، ويركب سيارة قيمتها تتجاوز قيمة حياتك، ويعيش الرفاهية، ويتقاضى راتب شهري يساوي سنوات خدمتك ال40 في أحد الجهات الحكومية أو الشركات..
تعال ياعزيزي أبكلمك ببساطة وبجيك بمنتهى العامية، تدري وش تمثل أنت بالنسبة لللاعبين والنادي؟
أنت واحد من ألاف الجماهير، يعني ماأحد درى عنگ..
كنت أدردش مع بنت اختي الصغيرة بعمر 8 سنوات، واختها تصغرها بعمر 6 سنوات، وأخوهم يكيرهم بعمر 12 سنة، وكنا متوجهين للمنزل، وأثناء نقاشنا في السيارة، كلمتني فاطمة وتقول لي خالي، متى مباراة الهلال والنصر، أن صُدمت من السؤال، أنها تشجع الكورة القدم من الأصل..
وماصدمني أكثر هو أنها تقول أنا يا خالي أشجع نادي الهلال، ضحكت بداخلي وأبتسمت لها، وحاولت جاهداً أراعي مشاعرها، قلت لها وش تعرفين عن نادي الهلال، صدمتني مرة ثالثة بعدد من المعلومات والتفاصيل التي أجهلها أنا في عمري، ذُهلت حينما قالت الله لايوفق النصر، يارب يفوز الهلال..
أنا لما اتمالك نفسي، ألتفت إليها وقلت فاطمة يافطوم، لو نادي الهلال يعطيك 100 ريال، ونادي النصر يعطيك 500 ريال، تروحين مع منو؟
بانت عليها علامة العصبية والنرفزة، وأحمر وجهها، قالت خالي ماأسمح لك، تراني متعصبة للهلال، وير الأزرق ماأشجع، ولو يدفع شنو مايدفع النصر، جعله مايفوز، انا هنا وفي هذه اللحظة وقفت السيارة على جانب الطريق، وأخذت أحدث فاطمة وأخواتها وأخوانها..
أحدثهم عن الرياضة وعن السلوك الجيد في التشجيع، وعن السلوك الإيجابي في تشجيع ناديك ولاعبك المفضل، وجدت كل من في السيارة من هؤلاء الأطفال متعصبين للهلال، ولم يمنحوني فرصة واحدة بأن أضيف لهم فكرة، كيف بنا ان نشجع النادي الذي نحب واللاعب الذي نحب من غير مانخسر أنفسنا، وبلا خسارة نفسية، وبلا فقدان لأجمل أوقات المباراة بالعصبية..
من المسؤل عن وصول هؤلاء الأطفال لهذا السلوك في التشجيع الرياضي للنادي؟
من المسؤل عن وصول أبنائنا بهذه التعصبية لنادي أو لاعب مفضل بهذه الصورة التي نقلتها لكم، وشاهدنا أمثالها كثير نقلتها عدسات الكاميرات ومقاطع الفيديو؟
هل نادي الهلال أو النصر أو غيره من الأندية الرياضية، سيعوض من يخسر حياته حُباً وعشقاً وهياماً لهذا النادي أو ذاك..
يبقى السؤال الأخير هو هل هيئة الرياضة، والأندية الرياضية سوف تغير من سلوكها العام وتفرض قوانين وأنظمة في المستقبل للحد من حوادث الوفيات التي أصابت عدد كبير من الجماهير الرياضيين، وفقدو حياتهم بأسباب الضغط النفسي والتراجع المعنوي وأرتفاع معدل النيض والضغط بالدم، ومن سقط بأصابته بنوبة قلبية.
وهل نستفيد من هذا المثل الشعبي ”المعرس له العروس والطقاقة لها الفلوس“ اللاعب له الدراهم والنادي له الكاس والفوز المعنوي، والجمهور ماله إلا الغثى ووجع القلب وحوادث الموت وحرقة الأعصاب.