آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

حين يصبح السجينُ سجانًا

سلمى بوخمسين صحيفة الرأي السعودي

إن كنت قرأت لي من قبل وبالتحديد مقالي السابق «الأنوثة من القداسة إلى التدنيس والطمس» فأنت تعرف عزيزي القارئ عزيزتي القارئة، أنني طالما تحدثت عن الهوة الثقافية الاجتماعية الدينية التي سقطت بها البشرية في تعاملها مع المرأة وتحديد دورها، معالمها ومكانتها.

بالطبع وبما أن الطرح خلاف السائد فإن الأصوات تعلو منددةً بكل ما أكتب، وبالطبع أيضًا كما هي الطبيعة البشرية عمومًا والطبيعة النسوية خصوصًا، فإن أعلى تلك الأصوات المنددة هي للمرأة نفسها.

على مر التاريخ قاومت المجتمعات شتى أنواع الدعوات التي تنتصر للكرامة الإنسانية والحرية وتمسكت بقناعات موروثة تحرمها من حقوقها، ولم تكن السيدات استثناءً من ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، قاومت السيدات الهندوسيات في شبه القارة الهندية القرارات السياسية المانعة لممارسة طقس «السيتي» وهو حرق الأرملة مع جثمان زوجها، وطالبن بكل شراسة أن يسمح لهن بإلقاء أجسادهن الحية في النار، في العراق وقبل أعوام قليلة فقط خرجت السيدات العراقيات في مظاهرات ضخمة اعتراضًا على القانون المدني لرفع السن الأدنى للزواج والذي من شأنه أن يمنع زواج القاصرات ويحمي الصغيرات البريئات من آثاره النفسية والجسدية المدمرة، في الصومال وموريتانيا ورغم أن الحكومات منعت ختان البنات فإن السيدات أقمن أوكارًا بعيدة عن عيون القانون كي يمارسن بها تلك الممارسة القذرة، بل الأدهى والأمر أن المهاجرات الأفريقيات والشرق آسيويات المنتميات لتلك المجتمعات التي مازالت تؤمن بالختان، يحرصن على إرسال فتياتهن لأوطانهن الأصلية لتنفيذ تلك الجريمة.

القائمة العجيبة طويلة جدًا ومتفاوتة ما بين الدفاع عن ممارسات مادية عنيفة، تصل إلى حد القتل أو التشويه الجسدي تحت مسميات العفة والشرف والطهارة، وبين قناعات فكرية لا تزال تسلع وتشيء المرأة وتنظر لها بمعايير جسدية بحتة.

سُئل أحد الثوار عن أصعب ما واجه في رحلته لتحرير العبيد، فأجاب: إقناع العبد أنه ليس عبدًا.