أنا آسف
أنا آسف..!
أنا نادم..!
أنا أعتذر..!
كلمة لطالما أنها تنم عن وقوع خطأ كان صغير، أم خطأ جسيم، ولكنها قد ترسم خارطة طريق جديدة في حياة الآخرين..
أنا آسف، ترددت هذه الكلمة في الأوساط الأجتماعية ولكنها ليست شائعة كثيراً، ويتمتع بها فقط الأشخاص ”العُظماء“ والذين يتمتعون بالثقة الكبيرة في النفس، ودماثة الأخلاق، وكذلك التقارب الكبير بينهم وبين فكرهم وأقوالهم وأفعالهم وتعاملاتهم مع الآخرين.
”آسف“
هل سبق لك وأن أستخدمت هذه الكلمة في أوج المعارك الكلامية، أو أوج المعارك الطاحنة بينك وبين أي شخص ماء، حدث معه موقف معين، وأمتعض عليك بسبب هذا الموقف، وأعلن الخصومة من يومها؟!
أنا آسف، أعتذر لك، أنا نادم، أنا لم أقصد أن أؤذيك بكلامي، لم أقصد ماجرحك ياسيدي/سيدتي، لم أقصد أن أترك بداخلك ندبة صغيرة كانت أو كبيرة، لتقطع حبال الوصال بيني وبينك، وتزرع بساتين الشوك، وتتسبب في قطع علاقتي بك، أو توترها..
وإن لم يعذرك الشخص الذي أسئت إليه، أو أخطئت بحقه، أو تأسفت منه، بادر بها، فمن سِمات الخلاقين هي المبادرة، فمن يبادر في خلق الخير يكن من أهله، وحتى لو لم ترضي الطرف الآخر، أو أصبح يشعرك بالذل والمهانة والقوة لشخصه والضعف لشخصك، بادر بها وأظفر بتصفية قلبك ومحيطك من السلبيات والطاقات السوداء، التي تزعج الشخص الذي لايستطيع أن يقول ”آسف“ في حينها..
قل كلمة ”آسف“
في وقتها وفي حينها وفي حين وقوع الخطأ للشخص المخطئ عليه، لا تتأخر أكثر من 24 ساعه، فلوقعها على مسامع الشخص الأخر نغمة جميلة، وأحساس لطيف تشعر الطرف الأخر بأنه مهم، وانك شخص لطيف لاتود خسارته، وكاأن تبادر له وتمد له شبراً حتى يمشي لك متراً، هي سمات المسالمين..
”أنا آسف“
هي كلمة من ثلاث أحرف، كفيلة بأغلاق معركة مليئة بالخصومة، مليئة بالتوتر، مليئة بالكبرياء، مليئة بأن تنقل صاحب هذه الكلمة من موقع مُسيء لموقع آخر مرضي عنه، وشخص كبير وخلوق وطيب القلب وصاحب أخلاق ومثالية عالية..
ما أن تقطع الطريق على سيارة أخرى، ظن قائد السيارة بأن الطريق مُلكه، وظننت أنت بأن الطريق أيضاً ملكك، وبعدما قطعت الطريق عليه، أخذت يداه ولسانه في الوعيد والتهديد والأنذار، وقد تصل لحد المطاردة والملاحقة، وقد تصل لحد التطاول بالسب والشتم، والتعدي بالألفاظ النابية وقد تصل لأعلى درجاتها وهي التعدي الجسدي، وهذا مالاتحمد عقباه..
ولكن ماأن يقوم هذا القائد المُحنك، بعدما يقطع الطريق بغير قصد، ويرفع يده ويعتذر ويسلم ويبتسم للطرف الآخر، هي بمثابة ”ماء“ وقع على حريق، ماء وأخمد شُعلة النار، التي أوقدت الغضب من ذالك الطرف الآخر، وهي تقول ”أنا أسف“ لم أقصد أن أقطع عليك الطريق، وها أنا أعتذر منك..
هي أذن ثواني بسيطة تفصلك عن الجمال الروحي، وقد تكن جزأ من الثانية كفيلة بوضعك في طرف المُبادر، والشخص الخلاق، والشخص الذي أخطأ وشعر وأحس بأنه أنتهك حق ليس من حقوقه، وبادر وقدم الأعتذار ”شيمة وصفة جميلة جداً“ لايتصف بها إلا الأشخاص الرائعون..
ماذا نعرف عن كلمة ”آسف“ Sorry
هي كلمة من ثلاث أحرف فقط
تنازل لا كبرياء
هي فن من فنون التفاوض في الحياة بأمان
آسف لاغير، بسيطة، ناعمه، قوية، تقع على الضرر فتجبره، تقع على المسامع فترقرقها، أستخدامها أشبه بأستخدام الكارت الأحمر لدى حكم كورة القدم في الملعب، حينما يقوم برفع الكرت الأحمر يعني أنتهى دور اللاعب، وهي بالنسبة لك ك لاعب في ميادين الحياة أنت حينما ترفع هذه الكلمة وتبادر بها، بدأ دورگ..
”أنا آسف“
هل نبدأ حملة ومبادرة جديدة تحمل هذه العبارة ”أنا آسف“ في كل الأماكن، في كل الطرقات، هل نبدأ نعمم هذه الكلمة لتكن بمثابة رسالة ”سلام“ يحملها الصغير في الروضة والمدرسة والمراحل الدراسية والجامعية والوظيفية، نبدأ بها في محيطنا الصغير، قبل أن نعممها، نبدأ بتجربتها مع الأبناء في المنزل، مع المعلم/المعلمة في المدرسة، مع الطالب/الطالبة في المدرسة..
هل نبدأ مبادرة هذه الرسالة السامية ”آسف“..!
لتكن رسالة سلام تعبر البحار والمحيطات والسماء والأرض، في كل الأزمنة، أذا أخطئت قل ”آسف“، إذا شعرت بإنك أثقلت المُزاح مع صديقك قل ”آسف“ إذا على صوتك على صغيرك قل ”آسف“ إذا طلبت من المطعم وتأخر الطلب قل ”آسف“ للزبون، أنا أعتذر لك لم نكن نقصد..
من هي الفئة الأكثر إستخدام لكلمة ”آسف“ في مجتمعنا الخليجي والعربي، والرائجة بشكل يومي ويتعاملون بها؟!
موظفو شركات الأتصالات
موظفو البنوك
فئة التجار وأصحاب العلاقات الدبلوماسية
كافة القطاعات التي تستخدم برامج التقييم للموظف بعد تقديم الخدمة
هذه الفئة لديها القدرة على أمتصاص الغضب والصراخ والمشاكل التي لدى العميل، وأستبدالها دائماً بمرونة عالية لكي بالنهاية يحصل الموظف على تقييم ممتاز من ذالك العميل..
وكذلك أثبتت الدراسات النفسية بأن كلمة ”آسف“ أن كانت حقيقة وخرجت من القلب ووصلت للقلب تخلق لدى الشخص المبادر، ثقة كُبرى، وكذلك تعزز لديه التطلع والروح المبادرة، وتعزز لديه البيئة الإيجابية، وتقلل نسبة التوتر والغلق التي يعاني منها الطرف الآخر الذي يُكابر، أو لايبادر، أو لايستطيع أصلاح مشكلة والبحث عن حل لها، وكذلك تعزز لديه قوة العلاقات الشخصية والحفاظ عليها..
أثبتت الدراسات أيضاً في علم الأجتماع، والعلاقات والأتصال بين الناس والمجتمعات، بأن كلمة ”آسف“، ”أعذرني“، ”أعتذر لك“ هي أكثر الكلمات التي تستطيع إطالة أمد العلاقات الأجتماعية، وكذلك الحفاظ عليها وتقويتها، إلى مابعد علاقات العمل لعلاقات أخوية وشخصية جانبية، فكم موظف قدم لعميل خدمة وبادر الموظف بحل مشكلته، تبادلو كرت الهاتف، وكذلك الزيارات، وكذلك التواد، وبدئت علاقات شخصية كُبرى وهي كانت مُعقدة لدى بعض الموظفين الآخرين..
”آسف“
تعني المرونة والمبادرة والحفاظ على الود بين أقرب الناس وأبعدهم، تعني لا أريد أخسرك، لا لم أقصد أذيتك، أحمل لگ السلام والمحبة والمودة..
تكثر تلگ الرسائل قبل شهر رمضان المبارك من كل عام، وتكثر قبل موسم الحج من كل عام، وباقي السنة ”لانكاد نقرأ“ كلمة واحد حللني بيح مني، أحبك في الله، سامحني، أعتذر لك، أنا متأسف، كلمات استهلاكية كانت بسبب الشعور بأنه شهر الخير وبأن الأنسان يطلب التسامح في فترة من السنة فقط، ولكن ماذا لو أستمرينا في التعامل بها طوال أيام السنة، سنبدأ بخلق جيل جدبد ومجتمع جديد يشع به السلام والتواد والإخاء..
لكم مني خالص التحية وأتمنى أن راق لكم قراءة هذا المقال..