الكلباني بين التكفير.. ورفعه...!!
ظهر فضيلة الشيخ عادل بن سالم بن سعيد الكلباني سلمه الله تعالى، في برنامج «بالمختصر» الذي تبثه قناة «MBC». صرح فيه أنه تراجع عن «تكفير علماء الشيعة». بعد مطالعته لكتاب الشريف الدكتور حاتم العوني. وإنه لم يظهر فتوى رفع التكفير هذه خشية نسبة رفعها للدولة وفرضها عليه من قبلها.
حديث عسير ملتبس، ينبعث منه ضنى لا ينقضي، ولا تنقطع مراحله، ولا نبلغ هموده ولن ننته إلى خواتيمه.. وكأن الوعي حرام علينا، وكأننا ولدنا مسلوبين من نصف كل شيء العقل والبصيرة ويقظة الحكمة في الحكم.
من نسي الحق ضاع حظه، وقل من الخير نصيبه، وفضيلة الرجوع للحق كفارة رذيلة البقاء على ضلالة. فما التدين إلا حياة الضمير، وما دين لله غير العدل بين الناس والحب لهم، ولذا رأيتٌ نفسي أمام «ظاهرة تكرر نفسها» بما لا يمكنني الصمت أمامها، لأني مثقل الوعي بالنهايات والخواتيم.
أولا: إن المعرفة التامة هي المعرفة بالأسباب، إذ لا يدرك الموجود إلا من خلال إدراك سببه، ولا تفهم العلة إلا بفهم مقدماتها المنتجة والموصلة. وكل علة تنتهي بمعلول، وكل نتيجة تستولد بالضرورة فهم مقدمتها. فما هي «العلل» وما هي «المقدمات» المعرفية التي تساندت في عقل الشيخ الجليل ستين حولا، يحمل في صدره «تكفير أهل القبلة». فما العقل إلا ما يؤمن به، وما نحن إلا أفكارنا التي نؤمن، ولكل فكرة سبيل مؤد وطريق موصل. وفضيلته لم يظهر ولم يكشف عن الجذور، ولم يشر إلى السبل الموصلة، ولم يخبر عن النبع الذي لن يتوقف عن ري كل عابر «بالتكفير». الذي رجع عنه، وأستغفر الله منه.
ثانيا: يظهر لنا أن فضيلته أعزه الله وسلمه يتعامل مع «التكفير» بوصفه حرية رأي شخصية، هي مكفولة له بقوة النظام. حيث سمح لنفسه بأخراج عددا كبيرا من «الموطنين» في المملكة والخليج والعالم الإسلامي من «الإسلام» قبل أن «يرى» أهليتهم للبقاء فيه وداخله.
ولكن هل يقبل فضيلته أن يمنح ذات الحرية لمن كفرهم بتكفيره «في إطار الإجتهاد وحرية الفتوى»؟ وسواء كان هذا «إجتهاد» صادر ممن هو جدير به أم ليس كذلك؟
هل «التكفير» بنفسه لعدد من الموطنين هو حرية رأي؟ أم هو فتوى أستباحة لكون التكفير، منظومة فقهية يأتي فيها الأحكام التابعة للمتبوع، والأحكام التي تدور مع عناوينها مدار الوجود والعدم، ويأزم الدول من داخلها ويثير النعرات المذهبية والطائفية؟ مما لا يخفى على شريف علمه.
ثالثا: الظاهر أن «التكفير» ليست زلة لسان من عالم، ترد بسترها ومغفرتها، بل كانت «سيرة الفتوى المعاصرة» في الدول الإسلامية التي خلى نظامها العام من «قانون الوحدة الوطنية» والهيئات الرقابية المعنية بحمايته. حيث يجرم كل مواطن يعطي نفسه الحق بتكفير من يخالفه في إنتمائه المذهبي وأعتبار حرية العقيدة حق أصيل من حقوق الإنسان لا يجوز لأحد أن يسلبها منه ولا أن يفرض عقيدته عليه بالقوة والإكراه أو الإلجاء، وإن الدولة تحمي الدين والعقيدة بوصفهم العام دون أن تفرض مذهبا من مذاهب المسلمين بوصفه معصوما ويمثل الحق المطلق، بل بوصفه الإجتهاد المختار للعمل بموجبه في القضاء والتشريع بوصفه مبرئ للذمة كواحد مع غيره يمثل فهما صحيحا للتشريع والعقيدة.
في نهاية الأمر. نحتاج أن نعرف الأشياء التي تتغير من حولنا نحتاج أن نعي أن كل شيء يخبر عنا، ما نفعله وما نقوله وما لا نفعله أحيانا، نحتاج أن نتطهر من هذا الجزء المعتم من الإستباحة لمن يخالفنا الرأي، وينتهي به عقله إلى مكان لم توصلنا عقولنا إليه. وإن كل واحد منا لن ير في غيره إلا ما يحب أن يراه وهذا خاتمة الإلتباس الذي به بدأت مسرى مقالي هذا.