دعوة لـ «الأنسنة»، دعوة لـ «الجنسنة»
احتفى العالمُ بيوم المرأة العالمي، بينما تحتفي السعودية طيلة العام بالمرأة ضمن تحولها الثقافي التاريخي. ميداليات التكريم التي أصبحنا نشهدها على مدار الساعة، وكأن المرأة - للتو وُجدت وللتو صارت قادرة على تحقيق النجاحات، وللتو استحقت شهادة المناصفة في مختلف شؤون ومجالات الحياة.
ولأن وضع المرأة في المجتمعات هو أحد معايير التحضر والتقدم الذي تقاس به، صار لزامًا عليها أن تطلع على سير السيدات اللاتي صنعن تاريخًا إضافيًا بوجودهن، لا سيما أولئك اللاتي تضع الإنسان أمام قفزة الوعي، وتختبر - المرأة خاصة - هل هي عظيمة أم نصف ذلك أم لا شيء؟
يبدأ تحرير الإنسان من قشوره الخارجية طبقة طبقة حتى يبلغ اللب، وضمن مسيرة التحرير هذه يتشكل كيانه الحديث، وهذه طبيعة التدرج، من هنا يحدث الصراع اليوم الذي تواجهه المرأة في مرحلتها الانتقالية الراهنة، فهي تمر على جسر دقيق بين النسخة التقليدية وإنتاج نسخة حديثة قابلة للاستمرار، وكأي مرحلة انتقالية تكثر فيها التنازعات والفوضى. لاسيما والتحرير الآن بات مرتبطًا بكونها أنثى، فهل تنجح دعوة «أنسنة» المرأة أم أنها لا تعدو دعوة لـ «الجنسنة» بعنوان مختلف؟
هنا لا يمكن إهمال اعتقاد نوال السعداوي - باعتبارها مُفكرة نسوية داعية لتحرير المرأة - بأن تغطية المرأة هو اختزال لقيمتها الإنسانية الكاملة في ظرفها الأنثوي فقط، كما تعريتها هو وجه آخر لاختزالها في جسدها المُثير - ظرفها الأنثوي مرة أخرى -. ومع «السعداوي» فنحن لا نقف عند مظهر المصطلح وإنما نسبر أغوار المعنى المراد خلف الرمز. وبرغم أنها نسوية بشراسة مما يدعوك للاختلاف معها إلا أنها تدفعك في كثير من الأحيان للسؤال: لماذا قدمت بعض الحركات النسوية العالمية نفسها شبه عارية؟ ولماذا تندفع كثير من النساء العربيات لخوض التحدي بأجسادهن - بشعار الإنسانية - رغم أنها ترفض اختزالها في جسد! هل هناك علاقة بين الوعي والجسد؟ وما هو دور السلوك في تمثيل هذه العلاقة؟
ختامًا، يبقى المجتمع النسوي السعودي كغيره من المجتمعات النسوية حول العالم؛ مليئًا بالتنوع والتعدد والتمثيل المختلف في توجهاته، وهذا ما تقتضيه الطبيعة البشرية.