آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 6:06 م

المَرأةُ في عيونِ الشُعراء

رجاء البوعلي * صحيفة الرأي السعودي

على مدى تواتر إنتاج الشاعر العربي منذ جاهليته إلى حداثته وما بعدها، ظلت المرأة مصدر الإلهام والجمال بالنسبة للشعراء، فمرت صورتها المُجسدة بعدة تحولات، تُعزى بعض أسبابها إلى نمط الحياة وظروف البيئة، كما لثقافة الشاعر نفسه دورها الكبير في تمثيل المرأة في القصيدة، قد يكون هذا المقال مزاحمًا لفيض الشعراء الغزير والمليء بالعذوبة ولكنه أحيانًا يبدو أحادي النظر! وقد يكون في حالات معينة عاجزًا عن فك كينونة المرأة وإدراك المعنى الكامل من الجمال الذي يتجاوز المادة الخام، فمن هي المرأة؟

أثناء مقابلة ل”أدونيس”سُئل عن المرأة، فقال: كتبت عن المرأة التي أستطيع أن أقيم معها حوارًا لا جسديًا، بل نفسيًا وعقليًا وحياتيًا، هنا يحدد“أدونيس”منطقة التماس بينه وبين المرأة التي نقشها بحبره، وهذا جوهر المعنى، أن يتجاوز الشعر جماليات الجسد ويخترق هذا الجدار، ليدرك مسارات ذوقية جمالية غير منتهية، نعم غير منتهية! فقدرة الشاعر على تجسيد الجماليات المجردة وصبها في قوالب مادية ستفوق الوصف لو فكر في إنتاج هذا النص.

فأين تكمن القصيدة؟ الدهشة! هي ما يستثير الشاعر ليصب قالبه الشعري سواء تجاه امرأة محددة أو المرأة بشكل عام، فهل تبقى دهشته مُتجهة نحو بعدها المادي فقط؟

الاعتقاد السائد بأن جماليات الجسد واستنطاق أجزائه المثيرة هو جوهر العلاقة وهذا ما يذهب إليه كثير من الرجال والنساء على حد سواء، فأنت عندما تقرأ لا ترى موضع اندماج بين الإثنين سوى الاندماج الجسدي الذي يتجلى في صور عدة وهي آسرة بلا شك! ولكن كيف كتب“أدونيس”إذًا؟

إن وجود المرأة في العالم الشعري وجودًا جوهريًا له دهشته الثابتة والمُتغيرة بحسب ظروف المرحلة وعوامل التأثير فيها، فبعد أن تجاوزنا عصور الشعر القديم وبلغنا درجًة متقدمًة من الحديث، هل لنا أن ننتظر استنطاق جماليات خارجة عن الصندوق أم لا؟

إن إحساس الشاعر بالأشياء ليس إحساسًا عاديًا، فالشاعر الحق مُرهف كقطرة الندى تشف ما تجري عليه، لتُفجر برعمًا جديدًا من سنبلة لم تكن في حسبان الرائي، ليقول: هنا دهشة! وهنا دهشة! وهنا مقتلي!