تنمية الدخل وترشيد الإنفاق: مجالات العمل المختلفة
على الإنسان أن ينخرط ضمن مجالات العمل المختلفة، في سبيل تحسين وضعه الاقتصادي، ومضاعفة دخله المالي. وهذا ما يجعلنا نشيد ببعض الشباب، الذين لم تمنعهم الوظيفة الحكومية ذات الدخل المحدود، من البحث عن فرص عمل إضافية، والانخراط في أعمال أخرى، على النقيض من البعض الآخر، الذين لا يبخلون في سرد الأعذار تبريرًا لتقاعسهم، وكأنّهم ينتظرون أن تذلّل جميع العقبات أمامهم، وأن يكون الطريق مفروشًا أمامهم بالورود.
لقد سطّر أئمة أهل البيت أمثلة حيّة للكدّ والسعي في سبيل الرزق الحلال. فقد ورد عن محمد بن علي بن الحسين أنّه قال: ”كان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب “ يخرج في الهاجرة، في الحاجة قد كُفيها، يريد أن يراه الله يتعب نفسه في طلب الحلال"، أي إنّه كان يخرج للعمل وقت الظهيرة والشمس الحارقة، ولم يكن مضطرًا إلى ذلك.
وليس صحيحًا الاعتقاد الشّائع عند بعض الميسورين من الناس، من أن توفّرهم على المال الكافي يعفيهم عن المزيد من العمل، ويوفّر عليهم عناء مضاعفة الدخل، بل ينبغي لهؤلاء ألّا يستنكفوا عن زيادة الخير الذي بحوزتهم. وقد روي عن الإمام الصادق أنه رأى أحد أصحابه جالسًا عنده في المجلس، فسأله عن سبب عدم نزوله إلى السوق واشتغاله بالتجارة كما هو معروف عنه؟ فأجاب الرجل قائلًا: ”... عندي مال كثير. وهو في يدي، وليس لأحدٍ عليَّ شيء، ولا أراني آكله حتى أموت، فقال : لا تتركها فإنّ تركها مذهبة للعقل“. وجاء في رواية أخرى أنّ الإمام قال له: ”اُغدُ إلى عزّك“. حيث إنّ الخمول والإحجام عن العمل والحركة مدعاة لضياع الخبرة، ولا يعوّض عنه مواظبة الرجل على حضور مجلس الإمام.
بل إنّ الإمام الصادق يقدّم نفسه أنموذجًا على هذا الصّعيد، حيث ورد عنه أنه قال: ”إنّي لأعمل في بعض ضياعي حتى أعرق وإنّ لي من يكفيني، ليعلم الله عزّ وجلّ أنّي أطلب الرزق الحلال“، وبذلك تكون الاستطاعة مدار الاستمرار في العمل وطلب الرزق، لا مجرّد الاستجابة لعنصر الحاجة، فمتى ما توفّرت الاستطاعة فإنّ على المرء البحث عن العمل الذي يتناسب وقدراته، سيّما وقد ساهم التطور التكنلوجي في توفير أعمال يمكن تأديتها عن بعد ومن خلال الإنترنت، التي أثرى من خلالها كثيرون.