درسنا الأول في اللغة الصينية: الواوي الصيني
هل خطر ببال أحدكم أن يكون الواوي صيني؟ بل ورأس حربة في الحرب الإقتصادية بين الصين وأمريكا؟
أنا هنا وبكل تأكيد، لا أقصد الواوي الذي تبادر لأذهان الأغلبية، الشخصية المشهورة في مسلسل باب الحارة! لكنني أقصد شركة واوي، أو هواوي كما يحلو لنا تسميتها. هذه التسمية «هواوي» هي فعلا قريبة لنطق كلمة «Huawei» الإنجليزية، لكن هذا يختلف عن النطق الأصلي للكلمة، كما ينطقها أهلها، الصينيون. ونطقنا الخاطئ لهذه الكلمة البسيطة دليل كاف على بعدنا الشديد عن الصين وثقافتها وعلمها، رغم أن معظمنا يردد «اطلب العلم ولو في الصين»!
”واوي“ مع تشديد مخفف على الياء، هو النطق الصحيح لاسم الشركة الصينية الرائدة في مجال الإتصالات، والتي تأسست قبل 33 عام تقريبا، برأس مال قارب 3000 دولار... نعم! 3000 دولار فقط! أو على الأقل، هذا ما تدعيه الشركة! لأن هنالك أطراف أخرى تدعي أن الحكومة الصينية أقرضتها أكثر من 8 مليون دولار، والشركة تنفي ذلك. هنا يتضح لنا أن التشابه بين واوي، الشركة، والواوي ”تبع“ باب الحارة، يتجاوز التشابه في الإسم!
سمعت بوجود شركة واوي قبل سنوات، عندما كنت أعمل في شركة سيسكو الأمريكية المختصة في الشبكات، وكانت شركة واوي حينها منافس شرس لسيسكو، لكننا لم نكن نعتبرها كذلك في الشرق الأوسط. فحينها مازالت النظرة الدونية الى كل المنتجات الصينية هي السائدة، فلم تكن الشركات تثق بجودة المنتجات الصينية.
في عام 1987م بدأت واوي كشركة مصنعة لبعض الأجهزة المستخدمة في شبكات الإتصالات، ويعتقد أن منتجاتها الأولية كانت مجرد تقليد مباشر لمنتجات أمريكية، مع أن هذه المنتجات لم تكن سهلة التقليد، الا أن الشركة نجحت في عمل هندسة عكسية لتلك المنتجات واعادة تصنيعها. ثم توسعت الشركة في مجال الشبكات والخدمات المرتبطة بها، وبدأت تنافس الشركات العالمية بشكل واضح، حتى أصبحت معروفة لدى غالبية الناس بعد دخولها سوق الهواتف الذكية ومنافستها شركات مثل أبل وسامسونق.
واوي وصلت لمرحلة من التقدم جعلتها تهدد مصالح بعض الشركات الأمريكية، مما حفز الإدارة الأمريكية الحالية الى اتخاذ اجراءات قوية ضدها، شملت إعتقال مديرتها المالية قبل شهر تقريبا، وإرسال وفد الى برشلونا بأسبانيا، الأسبوع الماضي، لحضور أحد أكبر المعارض التقنية وتبرير موقف الإدارة الأمريكية تجاه شركة واوي! وقد تصل الإجراءات في الأسابيع القادمة الى حد منع منتجات الشركة من دخول الولايات المتحدة الأمريكية. طبعا، الشركة ليست سوى واحدة من أوراق اللعب في الصراع الإقتصادي بين الصين وأمريكا - أو فلنقل: بين الواوي وترمب!
شركة واوي مثال جميل على واحدة من أهم الطرق التي استخدمتها الصين لتوطين التقنية، حتى لو رفض مخترعوا تلك التقنيات مشاركت أسرارها مع من يريدون الإستفادة منها. وانفتاحنا على الصين يعطينا خيارات أكثر لتوطين التقنيات الحديثة في وقت أقصر وبكفاءة أعلى.