على ماذا نعاتب؟
في علاقة الإنسان مع الآخرين قد يواجه تصرفاً لا يعجبه، ويتأذّى منه، وقد يبلغه عن أحدٍ ما يزعجه ويسيئه. هنا يطرح سؤال:
هل كلّ أمر يستحقّ العتاب؟
هناك نصائح دينية وتربوية وإدارية توجه الإنسان إلى أن يتغاضى ويتغافل عن أشياء كثيرة، فليس كلّ شيءٍ يستحق أن تهتم به وأن تتخذ موقفاً من أجله، يقول أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَشْرَ سِنِينَ، وَاللَّهِ مَا قَالَ لِي أُفًّا قَطُّ، وَلَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ، لِمَ فَعَلْتَ كَذَا، وَهَلَّا فَعَلْتَ كَذَا.
وورد عن علي : لا تُكْثِرَنَّ العِتابَ، فَإنَّهُ يُورِثُ الضَّغينَةَ، وَيَدْعُو إلَى البَغْضاءِ.
وعنه : مَن لَم يَتَغافَلْ عَن كَثيرٍ مِنَ الاُمورِ تَنَغَّصَت عِيشَتُهُ.
وقال : أشرف أخلاق الكريم كثرة تغافله عما يعلم.
وكما قال الشاعر:
إذا كنت في كلّ الأمور معاتباً صديقك لم تلقَ الذي لا تعاتبه
إنّ بعض الناس يبالغون في العتاب على كلّ شيء فيسببون الحرج للآخرين، مثلاً: يعاتب على عدم معرفته وتذكّر اسمه، حين يسألك بإلحاح: ألا تعرفني؟ ألا تذكرني؟
ولعلّ عهدك به بعيد، أو لقاؤك به كان عابرًا، لكنه قد يحرجك بالمحاسبة، كيف نسيتني وقد لقيتك في المكان الفلاني، أو قمت لك بتلك الخدمة؟
وبعضهم قد يعاتبك على عدم حضور مناسبته في فرح أو ترح. أو حتى على عدم تكرار حضورك. أو لأنك أغفلت دعوته في مناسبة ما!