آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 4:07 م

الظهور من علامات الوجود

عيسى العيد * ايلاف

لا نستطيع إطلاق كلمة ظاهرة، ما لم يكن هناك متلق، يشاهدها أو يسمعها أو يلمسها، اي أن تكون محل شعور لحواس البشر. لذلك؛ فإن الظهور بدون متلقي لا فائدة منه، حاله كحال الممثل على خشبة المسرح من دون جمهور يتفرج.

الوجود هو القدرة على الظهور والبروز، فكل شي موجود هو ظاهر والعكس صحيح أيضا. لذلك؛ فإن صفة الظهور والوجود وجهان لعملة واحدة أو بمعنى أصح فإنهما متناغمان مع بعضهما. وقد يتوهم أحد بأن هذا يطلق على الأمور المادية بخلاف الامور الفكرية والمعرفية. بل على العكس من ذلك فالوجود والظهور ينطبق على الامور الفكرية ما دامت لدى صاحبها القدرة في اخفائها.

الفكر ممكن نطلق عليه ظاهرة موجودة إذا برز على شكل مكتوب أو مسموع، فمادام الفكر مجرد فكر لا يمكننا ان نطلق عليه ظاهرة فكلمة ديكارت الشهيرة انا أفكر إذاً أنا موجود اي انا ظاهر بفكري لكي يلامس حواس الناس ويعاين لهم إذا انا موجود الكيان.

ما اريد ان اقوله هو أن الوجود الحقيقي لأي امر هو من خلال عطاءاته الظاهرة على السطح، وإلا وجود بدون عطاء او بمعنى اخر بدون هدف في الحياة يلامس حواس الناس فعلا، هو وجود بدون وجود ظاهر وفاعل.

تطورت العلوم والمعارف من خلال التفكير الظاهر حيث ان التفكير يبدأ بشي بسيط ومن ثم ينمو ويتطور بمقارعته لأفكار الاخرين، الذين يضيفون عليه تحسينات لان التفكير ينمو بالتراكم الممنهج بين الناس.

فلو تأملنا قليلا في حركة التأليف والكتابة عند الدول المتقدمة نجدها حاجة ماسة لديهم، وفي المقابل هناك طلب عليها من الجمهور حيث ان الكتاب أصبح غذاء لا يستغنى عنه، بخلاف ذلك في الدول النامية حركة التأليف الكتب والطلب عليها قليل جدا في مقابل الدول المتقدمة.

في امريكا معظم العظماء له مذكرات مكتوبة يتسابق الناس عليها لاقتنائها، فضلا عن مؤلفاته الاخرى فيصبح مخلدا بفكره حتى بعد موته، لكن في دولنا العربية والاسلامية قل أن تجد احدا له مذكرات مكتوبة حتى وان كان صاحب فكر فإنه يموت ويدفن معه فكره وينسى مع تقادم الازمان.

زبدة القول لابد من إبراز الفكر على سطح لكي يتداول بين الناس، والتشجيع على الحوار والتأليف لكي يرتقي الناس بفكرهم ومعارفهم وتنموا الاوطان بالأفكار وتداولها.

من هنا يصبح الوجود والظهور له معنى في حياة الناس.