بر الوالدين وعقوقهما
بر الوالدين هو الإحسان إليهما، وهو أفضل القربات إلى الله عز وجل، وضده عقوق الوالدين وهو الإساءة إليهما من قول وفعل، وهو أبغض شي عند الله سبحانه وتعالى..
قال تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا «23» وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا «24»﴾ سورة الإسراء.
وقال تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا... «36»﴾ سورة النساء.
وقال رسول الله ﷺ: «بر الوالدين أفضل من الصلاة والصوم والحج والعمرة والجهاد في سبيل الله». المحجة البيضاء: 33/4334.
وقال الرسول ﷺ «الجنة تحت أقدام الأمهات». مستدرك الوسائل ج 15 ص 180.
فبعد هذه المقدمة والآيات القرآنية الشريفة والأحاديث النبوية، علينا أن نهتم بوالدينا ونحترمهم ونكرمهم ونعظمهم ونقوم بخدمتهم والسؤال عنهم وزيارتهم والاطمئنان عليهم ونعودهم في مرضهم، ولا نقول لهم حتى كلمة أف، ولا نعبس في وجوههم، ولا نرفع أصواتنا فوق صوتهم، ولا نتقدم أمامهم في الطريق.
والداك هما جنتك ونارك.
إذا أطعتهما كانا طريقك للجنة، وإن عصيتهما كانا طريقك إلى النار.
وعن الإمام الصادق قال: «بروا آباءكم يبركم أبناؤكم». البحار: 74 / 65
وبر الوالدين ليس مقتصرا على حياتهم فقط بل حتى في مماتهم تستطيع برهما، بأن تصلي لهما، وتتصدق وتحج وتصوم عنهما، ويكون لك الثواب مثلهما، ويزيدك الله خيرا كثيرا.
والأم وما تحملته، إنها حملتك تسعة أشهر في بطنها، ووضعتك بأصعب شدة وألم، وأطعمتك من ثمرة قلبها، وسهرت لراحتك بجميع جوارحها مستبشرة فرحة بقدومك لهذه الدنيا، ورضيت أن تجوع وأنت تشبع، وتسهر حتى تنام، وترضعك وهي مرهقة ومريضة، وتدفئك من البرد، وتعبت على تربيتك وراحتك حتى كبرت...
فما جزاؤها منك؟ هل البر والشكر، أم النسيان والهجران.
ومن أحزن والديه فقد عقهما، ومن نظر إلى أبويه نظرة ماقت وهما ظالمان له لم يقبل الله له صلاة.
والعقوق من الكبائر بل لا يدخل الجنة عاق، والعاق لوالديه لا يوفق أبدا في الدنيا وعذابه وحسابه شديد في الآخرة.
فإذا كنت من العاقين لوالديك وهما الآن على قيد الحياة اجلس من غفلتك وانتبه لنفسك وصحح وضعك مع والديك قبل فوات الأوان وقبل الندم والحسرة.
كم شخص توفي والداه وهو عاق لهما، وأخذته الندامة والحسرة على مافعله في حياتهما، وعدم السؤال عنهما، والاهتمام بهما، وإغضابهما، ورحلوا عن الدنيا وهم غير راضين عنه، فأصبح يعاني من الضيق والظروف الصعبة، وعدم التوفيق والعزلة والأمراض، وذلك بسبب عقوق الوالدين ومافعله تجاه والديه في حياتهما، ويتمنى لو يرجعون يوما واحدا ليصلح ما فات ويكون عبدا تحت أقدام والديه ويطلب منهما الصفح والعفو والمغفرة.
أخي الكريم.. إذا كان والداك على قيد الحياة، فأنت تعيش في نعمة كبيرة ويجب أن تحمد ربك في كل وقت، أنت عندك والداك وهم الجنة في الدنيا، ودعاؤهم لك هو الذي يفتح لك الآفاق والتوفيق.
كم شخص لم يرى أباه أو أمه أو كليهما معا، فقدهما وهو صغير، لم يعرف طعم الأبوة وحنان الأمومة، ولد يتيما وعاش الحرمان.
والنعمة التي أنت فيها يجب أن تحمد ربك دائما عليها، ولا تنسى والديك طرفة عين، ولا تلهك الدنيا بمغرياتها عن والديك أبدا.
وختاما.. خير دعوانا أن يوفقنا الله لطاعة والدينا، وأن يسامحاننا على تقصيرنا في حقهما، ويجعلنا من البارين بهما، وأن يطيل في أعمارهما، وأن يوفقنا لطاعتهما وبرهما، ويعطيهما الصحة والعافية.
ورحم الله والديكم ووالدينا الأحياء منهم والأموات برحمته إنه أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.