آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

الحركة حياة

علي أحمد آل رضي

لا أحد يستطيع أن ينكر أن في حركة جسم الإنسان سرّ الصحة والسعادة والحياة وعلينا جميعاً العمل نحو إستدامة الحركة والعناية التامة بقطبيها وهما العظام والعضلات. واذا كانت بعض الكائنات حركتها محدودة داخل الخلية أو في جزء منها كالحركة الدودية فإن غالبية الكائنات ومنها الإنسان يكون عندها الحركة من الضروريات حيث هي الإنتقال من مكان إلى مكان آخر.

اللّجوء الإختياري إلى العزلة أو الإجباري نتيجة صعوبة الحركة لأيّ سبب كان والإنكفاء وقتاً طويلاً معزولاً بين الجدران فيه الكثير من الضرر النفسي والبدني والمشقّة على العائلة ويتسبّب بجذب شحنات سلبية مؤثّرة على مناعة الجسم وضعفها ليكون مرتعاً، لا سمح الله، لمزيد من الأمراض. العزلة تبعد الإنسان على الأهل والأصدقاء والإختلاط مع الناس والمجتمع. ديناميكية الحركة بذاتها هي مولّدة الى الحياة والإنتعاش هذا ما نلاحظه من نشاط في وسط المدينة ومراكز التسوّق ومحطّات القطار والمطارات والنوادي ومراكز الترفيه. هذه الحركة المنعشة نحتاجها نحن وأجسادنا قبل أن نتلمّسها حوالينا في الآخرين أو الأماكن الأخرى.

يذكر الدكتور صالح الأنصاري طبيب أسرة ومجتمع وخبير تعزيز الصحة عميد مشاة السعودية في مقطع فيديو مترجم متوفر على الشبكة عن الحركة والنشاط البدني تحت عنوان ”23,5 ساعة“ إن تخصيص نصف ساعة يومياً لرياضة المشي تؤدّي إلى إنخفاض الوفيّات وتعزّز جودة الحياة لشريحة واسعة من المرضى ممن يتلقّون علاج عن السكّري وهشاشة العظام والخرف وإصابات المفاصل إضافة أنها وقاية عن كثير من الأمراض الأخرى المتعلّقة بالدورة الدموية والسمنة.

وفي ذات السياق يذكر الدكتور محمد علي الأحمدي باحث أكاديمي بجامعة الملك سعود وأستاذ فسيولوجيا الجهد البدني المشارك في مقطع فيديو آخر بعنوان ”الكرسي القاتل“ أن هناك ما يقارب من 40 مرض مرتبط بالجلوس على الكرسي لفترة طويلة حتى أصبح الكرسي ينافس وبشدة أقوى مصادر الأمراض الفتّاكة مثل التدخين والمخدرات والكحول. ويضيف أن الخمول البدني لدينا سبب رئيسي لإرتفاع نسبة المصابين بأمراض الضغط والقلب والسكري وهشاشة العظام.

كما تشير مبادرة الصحة العالمية وهي مبادرة تديرها الكلية الأمريكية للطب الرياضي أنها تشجع أطباء الرعاية الأولية ومقدمي الرعاية الصحية الآخرين على إدراج النشاط البدني عند تصميم خطط العلاج وإحالة المرضى إلى ممارسة قائمة من البرامج الرياضية بإشراف مهنيي التدريب المؤهلين. كما تلتزم المبادرة بالاعتقاد بأن النشاط البدني يعزز الصحة المثلى وهو جزء لا يتجزأ من الوقاية والعلاج للعديد من الحالات الطبيّة ويجب تقييمه وإدراجه بشكل منتظم كجزء من الرعاية الصحية.

ثمّة أمر في غاية الأهميّة علينا أن نستوعبه حيث أن إدراج الحركات والتمارين الرياضية في طابور الصباح المدرسي عند الصغر له من الفوائد العديدة المتعلقة بثقافة التنظيم والتشجيع والحيوية والمرح والعمل الجماعي والنشاط وفتح الآفاق الذهنية وهذه الثقافة الحيوية يجب أن تستمر حتى في الكبر، وهي تحت مسمى «رياضة الصباح» نشاهدها في دول كثيرة حول العالم حيث تنتشر أجهزة التمارين الرياضية قرب المسطّحات الخضراء في المنتزهات والشواطئ ويكثر مرتاديها من مختلف شرائح المجتمع والمتقاعدين وكبار السن والعائلات.

وتظهر بيانات الأمم المتحدة أن المكسيكيين والصينيين أكثر الشعوب ممارسة للرياضة بنسبة 68% و67% على التوالي، وأن اليابانيين على الرغم من نشاطهم وحركتهم إلا أنهم الأقل في ممارسة التمارين الرياضية للحفاظ على أبدانهم بنسبة 39% ومعهم الروس بنسبة 40%. وأشارت إحصاءات إسبانية مستوى النشاط البدني لمواطني دول الاتحاد الأوروبي، نشرت في مجلة لايبراري، أن أعلى مستوى للنشاط الرياضي في السويد والدنمارك وفنلندا. ويقول العلماء أن الأسباب في اختلاف مستوى اللياقة البدنية بين الدول ترجع إلى عدة أمور متعلقة بالتعليم وبطبيعة العمل والوضع المالي للدولة.

وقبل الختام، أود طرح بعض الوصايا الخفيفة التي يمكن كل فرد عملها بسهولة ويسر:

  •   حدّد فترة للمشي لمدة 30 - 40 دقيقة على الأقل كل صباح، ولا تؤجله لأي سبب
  •   لا تُطِل فترة الجلوس المتواصلة أكثر من 20 دقيقة، واذا صَعُبت الحركة قف قليلاً ثم اجلس
  •   داخل المنزل اخدم نفسك ولا تطلب من أحد خدمتك
  •   إنضم إلى إحدى المجموعات الرياضية القريبة منك
  •   عند الحاجة إلى التهيئة والمساعدة لا تتردّد بطلبها من أي مجموعة رياضية أو صحية، ثق أنك ستنال ما تريد بإهتمام
  •   تدرّج في التمرين من ناحية زيادة الوقت والشدّة، واستكشف طاقتك وعزّزها
  •   ناقش طبيبك واطلب منه تحديد جرعة علاج رياضية
  •  تابع قصص النجاح الصحية للمشاة والرياضيين

دعواتنا للجميع بالصحة والعناية المستمرة بأجسامهم وأن يمارسوا رياضة المشي والحركة حتى يحصّنوا أجسامهم من الأمراض أواخر العمر.