فقد الأحبة
إن فقد الأحبة أمر صعب على الجميع وخصوصا عندما تحضرنا الذكريات، ونتذكر من فقدناهم يتردد أسمائهم أمامنا، أو رأينا صورا تذكرنا بهم، وترجعنا لتلك الأيام الجميلة التي عشناها معهم، حتى بعد مرور سنوات طويلة من فقدهم ورحيلهم عنا، وعندما نفقد عزيزا علينا فإننا نفوض أمرنا لله سبحانه وتعالى ونقول:
﴿إنا لله وإنا إليه راجعون﴾ ونسلم بقضاء الله وقدره.
وتمضي علينا السنوات ولكن تكون حسرة بالقلب.. وجرحا لا يندمل.. ترجعنا الذكريات ونتذكر أحبة لنا كانوا معنا فرحلوا عنا.. ويتجدد حزننا عليهم كلما ذكرناهم وذكرنا أعمالهم الطيبة.
سأذكر لكم شخصا عصاميا من قديحنا الحبيبة قد إختاره الله يوم 3 رجب 1415 هجرية.. تقريبا 25 سنة قد مضت من وفاته.
ولكن ليومنا هذا لم ينسى من ذاكرة من أحبه وعاشره وكان قريبا منه.
لقد نذر نفسه لخدمة أهله وأقاربه وأصدقائه ومجتمعه بكل ما يستطيع في سبيل راحتهم وأسعادهم...
وبالرغم من مرور السنوات الطويلة من رحيله.. إلا أن عمله باقي.. وله بصمة في كل مكان وعمله يشهد له بذلك.
كان مؤمنا صبورا تحمل التعب والمشقه منذ صغره.. تكفل بعائلته بعد فقد أبيه.. وتولى تربية أخيه وأخواته.. وكان السند والكافل والأب الحنون لهم حتى كبروا.. حفظهم الله جميعا.
كان يتمتع بصفة النخوة والفزعة والشهامة والشجاعة والكرم والصدق وطيبة القلب والتي جعلته محبوبا من الجميع.. وضحكته ومزحه مع الكبير والصغير.. كان ذا هيبة وصاحب كاريزما.
كان يتمتع بصفة القيادة.. ويملك أسلوب الإصلاح وحل المشاكل الشائكة بين الأقرباء والأصدقاء من البلد وخارجها.
وكانت مشاركاته الفعالة في جميع مناسبات البلد من أفراح وأحزان.. وكل ميزة وصفة كان يتمتع بها تحتاج لمقال كامل ومنفرد.. تراه في مناسبات الأفراح يقوم بتجهيز الوليمة من ذبح وطبخ وزفة وغيرها.. وفي الأحزان تراه في الفواتح مع المعزين يقوم بالواجب.. وفي فواتح الأقرباء تجده في مقدمة المعزين والمنظمين والمبادرين لاستقبال المعزين.. وفي مصائب أهل البيت تراه باكيا نادبا على مصائبهم.
كان يتمتع بأسلوب مرن ومميز ومقنع في التعامل مع الناس بمختلف أعمارهم ومستوياتهم العلمية والاجتماعية وذلك بكسر الحواجز من خلال التواضع ومخاطبة الجميع بعفوية وصدق.. فكانوا يحترمونه ويسمعون كلامه.. كان رؤوفا بارا بعائلته وأرحامه وأقربائه.. ولم يقصر يوما في حقهم.. كان وصولا لرحمه.. كان مجلسه عامرا بالأصدقاء والأقرباء.. وكان يحيي مجالس أهل البيت بمنزله بعادة أسبوعية.
كان يتفقد أحوال العائلة ويزورهم ويحل مشاكلهم.. وكانوا يستشيرونه في كل صغيرة وكبيرة وترتيب أي مناسبه لهم.
كنت قريبا منه لأني تربيت في بيتهم من صغري حتى كبرت.. فله الفضل الكبير علي.. وعندما أمرض كانت الوالدة يحفظها الله تتصل به حتى في وقت متأخر من الليل ليذهب معي للمستشفى. كانت أمي خالته لكن عمري ماسمعته يقول لها خاله بل يناديها خيه... ولايرفض لها طلب.
وهو الذي سجلني بالمدرسة وعلمني السياقة وعلمني أمور ديني وتواصلي مع الآخرين. وكنت أرافقه دائما.. وأحس بالفخر والاعتزاز بوجودي معه، فكان هو القدوة لي.. وكنت أحب أخلاقه وفعله وتواصله وصلته لرحمه وخدماته التي لا تعد ولا تحصى.
ويوم رحيله فقدت عائلة كاملة، فقدت الأب والأخ والصديق والقريب.
فكان هو الأب عند الشدائد.. والأخ الذي هو سندي.. والصديق الذي كنت أرافقه.. والقريب لي فهو ابن خالتي وابن خالي «أبوه خال أبي» وزوج عمتي.
هو: «المرحوم الحاج علي حسن الصفار أبوحسن».
فهنيئا له هذه الصفات والأعمال الخيرة.. وجعلها الله في ميزان حسناته وسجل أعماله الطيبة.
فرغم مرور هذه السنوات الطويلة لن ينسى.. وذلك كان حصاد عمله المخلص لله تعالى.
فعلينا أيها الأحبة أن نخلص أعمالنا لله سبحانه وتعالى.. والإنسان دائما مذكور ومحمود بعمله الطيب..
وعند رحيل من تحب تجود القريحة ببعض كلمات الرثاء حتى لو ما كنت تجيد الرثاء والشعر.. فقلت في ذلك:
فأنت لي الأب النصوح.. والأخ الرؤوف.. والصديق الوفي..
لمست العطف في يديك حنانا وتتباهى له خلقا عظيما.
سيبقى وجهك الضاحك في قلبي مخلدا.. وعبير عطرك سيبقى على المدى..
لكنما الأمر لله وحكمته شاء الله بأن يمضي أبا حسنا..
وانعم بجنة خلد زاهية يحيطك الروح والرضوان والحللا...
فرحمك الله يا أباحسن برحمته الواسعة.. وحشرك الله مع محمد وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
ورحم الله من يقرأ له ولجميع موتى المؤمنين والمؤمنات سورة الفاتحة.