آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 6:06 م

جمعية الأوجام تكرم مؤسسيها ومجالس إداراتها

وجدي آل مبارك

في لفتة اجتماعية رائدة حضرها لفيف من الشخصيات الرسمية والاجتماعية والدينية من أهالي الأوجام ومنطقة القطيف وخارجها استوقفت عجلة جمعية الأوجام الخيرية في وقفة زمنية سجلتها صالة جمعية الأوجام الخيرية بعد مسيرة أربعين سنة منذ الإنشاء والنشاط احتفاء بجيل عامل ومتفاني في خدمة مجتمعه وبلدته.

جيل تولد من أرض الأوجام استشعر حس المسؤولية الاجتماعية، وتخلله أسماء عاملة تركت بصماتها، ونقشت مآثرها على جدران البلدة، كلها دلائل على ما قدموه كل في مجاله واهتمامه طيلة الأعوام المنصرمة من تاريخ الجمعية.

وقفة مع جيل معطاء سطرت فيه بلدة الأوجام عنواناً للوفاء، ومدت يداً للشكر لأيدي خدمت وبذلت الجهد والمال والوقت من أجل بلدتهم ومجتمعهم، ليتعرف الأبناء والأحفاد على صنيع الآباء والأجداد.

وقفة تحاكي عملاً دؤوباً، وعنواناً شاخصاً يسعد الأجيال المتتالية بقراءته بين صفحات البلدة وتاريخها عن سيرة آباء مخضرمين واخوان متفانين مدوا يد العطاء طواعية لخدمة مجتمعهم طوال مسيرة أربعين سنة من تاريخ جمعية الأوجام الخيرية.

كل ذلك لنعلم أن عنوان التكريم، وكلمة الشكر قيمة نبيلة، ومبدأ سماوي عمل به المصطفى ﷺ وأهل بيته الطاهرين، وتجلى في سلوك إنساني فريد أنتهجه النبي ﷺ حينما أنحنى على يد ذلك المزارع وقبلها وقال: أنها يد يحبها الله ورسوله!!.

فلثقافة الشكر والتكريم دور رائد في رقي المجتمعات الإيمانية خاصة إذا اقترنت تلك الثقافة بعمل اجتماعي تطوعي ليس مفروضاً على أحد دون سواه، ولعل الوقفة الجميلة التي وقفتها إدارة جمعية الأوجام الخيرية مع مؤسسيها وأعضاء إداراتها السابقين تصب في هذا المضمار.

نعم.. وقفة تعرفنا بجيل أعطى وبذل من جهده، وتفانى في عمله، وأعطى من وقته، فكانت فرصة سانحة لكي نعبر لهم عن خالص امتناننا وشكرنا لهم، في وقفة صادقة نرسخ من خلالها ثقافة اجتماعية تبدأ من شكر الخالق وتنتهي بشكر المخلوق، عملاً بقول الإمام علي الرضا : «مَن لَم يَشْكُرِ المُنعِمَ مِنَ المَخلُوقِينَ لَم يَشكُرِ اللهَ عَزَّوَجَلَّ».

أننا حينما نقف لكي نكرم أحداً بعيداً عن أي غاية أو رأي أو اختلاف قد يحمله البعض تجاه أي شخص أو مشروع أو مؤسسة اجتماعية كجمعية الأوجام الخيرية أو غيرها، فذلك يعني أننا نشحذ الهمم، ونشمر عن السواعد لنبحث بتجرد عن العاملين والباذلين كي نثني على أعمالهم، ونقدر انجازاتهم، ونشير بالبنان إلى بوادر العطاء فيما قدموه بذلاً وعملاً، والالتفاف حول ما صنعوه في بادرة وفاء خالصة نقية، كي تصبح إنجازاتهم دافعاً للأجيال المتلاحقة للمضي قدماً في مسيرة الخير والعطاء الاجتماعي.

حينها يصبح التكريم مظهراً اجتماعياً يتجلى فيه معاني الوفاء، وسمة العطاء، وقيمة الشكر، يبادر أفراد المجتمع من خلاله لرد الجميل وشكر الصنيع، فيصبح التكريم جسراً ثابتاً بين الأجيال المتلاحقة، ورباطاً قوياً للحمة الاجتماعية، ومنبراً إعلامياً لبث روح التعاون والتنافس بين أطيافه، وارتقاء بحس المسؤولية الاجتماعية بين كفاءاته، وتنمية للمبادرة الذاتية والجمعية بين كل فئاته، وتحفيزاً للجيل الشاب للانخراط في المؤسسات الاجتماعية والدينية والعلمية والثقافية.

إنني في هذه المناسبة الجميلة أتوجه بأربع كلمات قصار، الأولى: أوجهها إلى مجموعة مخضرمة أخذت على عاتقها هموم مجتمعها في زمن قديم انشغل أغلب الناس عن حس المسؤولية الاجتماعية، فبادروا إلى تأسيس جمعية الأوجام الخيرية، كي تصبح صرحاً للعمل والنشاط الخيري، فلولا هذه المبادرة لما كانت هذه البذرة المعطاءة والدائمة في بلدتنا الغالية، وهي مصداق لقول الله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ.

فشكراً موصولاً وثناء جميلاً لك من بادر وساهم في إنشاء الجمعية الخيرية، وخدم في أروقتها طيلة عقود من الزمن، وأخص بالذكر رئيس مجلس إدارتها السابق الأخ الفاضل محمد السنان الذي خدم وتفانى في خدمة الجمعية لأكثر من ربع قرن، كذلك أثني في هذا المقام على باقي أعضاء الجمعية المؤسسين الذين لا يقلون عنه منزلة في الأخلاق والمجهود.

أما الكلمة الثانية: كلمة للجيل المتعاقب على مجلس إدارة الجمعية الذين شعروا بحس المسؤولية الاجتماعية، فعملوا وبذلوا مابوسعهم، ثم سلموا الأمانة إلى من أتى من بعدهم، في مظهر يحاكي لحمة أوجامية واحدة، فكلمة شكر وامتنان لرؤساء مجالس الجمعية وأعضائها السابقين، وأخص بالذكر عضوها السابق، والفخري الحالي الرجل المؤمن الذي عمل ولازال يعمل في أروقتها بصمت وإخلاص يغبطه أمثالي على توفيقه الإلهي الأستاذ العزيز ياسين آل محمد أدام الله عليه التوفيق لخدمة المؤمنين.

أما الكلمة الثالثة: كلمة شكر لرئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية الأوجام الخيرية الحاليين على هذه اللفتة الجميلة، والشكر موصولاً للداعمين لهذا التكريم من أفراد ومؤسسات سواء من داخل البلدة وخارجها.

أما الكلمة الرابعة والأخيرة: كلمة للمجتمع الأوجامي الأصيل بكل أطيافه وتوجهاته الاجتماعية والدينية، فلدينا القناعة التامة أن مجتمعنا يزخر بقامات دينية، ورواد تطوع، وكفاءات شبابية، وسجايا رفيعة يتصف بها أهله لاسيما في مناسباته الاجتماعية والدينية.

لكن المؤسف في الأمر أن البعض اشغل المجتمع عن تلك الطاقات والكفاءات والسجايا بإثارة توافه الأمور والقضايا، وتهويل الأخطاء والهفوات، وتحويل الاختلافات إلى خلافات حول الأشخاص والمؤسسات، واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي في القدح واللمز، فأهدرنا الجهود والطاقات، وأهملنا المشاريع والمؤسسات، وضيعنا الإنجازات والمبادرات، ونفرنا الشباب والكفاءات، وأفرغنا المؤسسات الخيرية والأهلية والأماكن الدينية من مرتاديها وداعميها!!.

لذا يتوجب علينا كل في موقعه ووعيه وشعوره بحس المسؤولية تجاه مجتمعه والمؤسسات واللجان العاملة فيه أن نتناسى أولاً وأخيراً اختلافاتنا الشخصية والاجتماعية، ونضع أيدينا في أيدي بعضنا من أجل خدمة الناس، وهذا لايتم إلا من خلال وضع المجتمع في قمة الأولويات من أجل المحافظة كيانه ومؤسساته الخيرية والأهلية، ودعمها حضورياً ومادياً ومعنوياً.

وبحمد لله رأينا في الآونة الأخيرة بشكل جلي بوادر اجتماعية إيجابية سواء على مستوى المؤسسات والمجتمع كتبني الجمعية قضايا اجتماعية وخدمية عملت على حلحلتها ومعالجتها، وآخرها مشروع مساكن، كذلك بدأت الشرائح الاجتماعية بكل أطيافها التفاعل مع المؤسسات الخيرية والمبادرات الأهلية، ودعمها مادياً خصوصاً مشاريع الجمعية ونشاطاتها.

لكن نطمح في هذا الصدد إلى مزيد من التفاعل والمبادرات من خلال الدعم المعنوي والمادي للمؤسسات الخيرية والأهلية، ومد جسر التواصل بين إداراتها وبين أطياف الشارع الاجتماعي، وتشجيع الكفاءات الشبابية والعلمية على الانخراط في إدارتها، خاصة مع اقتراب انتهاء دورة مجلس إدارة جمعية الأوجام الخيرية، ولجنة التنمية الأهلية بالأوجام الحاليين.

رهاننا الوحيد أمامنا يكمن في رفع سقف الوعي الاجتماعي، ونشر ثقافة العمل التطوعي، والنأي عن الخلافات الشخصية، وحمل نظرة واعية ناظرة للمصلحة العامة تجاه المجتمع والمؤسسات الخيرية والأهلية العاملة فيه، ودعمها حضورياً ومادياً ومعنوياً بعيداً عن أي مسمى أو غاية، عملاً بقول الله تعالى: ﴿وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.