”الخير أمامك والخير خلفك ولم تراه“
”تأخير أجابة بعض الدعوات فيه خير كثير“:
قد لاترى الخير بعينيك، ولكن الله يهديك مع مرور الأيام ولربما يطول لشهور وسنوات طويلة، لترى وتسمع وتُبصر السوء والمكروه، والخير والكرم الإلهي..
بعض الدعوات في تأخيرها وتأجيلها خير لم تكن تراه، ولم يكن في حسبانك، ولم ولن تتوقع نتائجه، ولكن لطف الله عز وجل وكرمه ورحمته، ولربما ماأنقذك من كل هذا وذاك هو دعوة من والديك، وأمك على وجه الخصوص، وقد تكن صدقة تقبلها الله بواسع القبول، وقد تكن دعوة من شخص في ظهر الغيب، تنتشلك من وادي ومن قاع لو وقعت فيه لما خرجت حتى هذه الساعة..
يجيك يوم تبكي ألحاحاً لرب الأرض والسماء، طلباً لحاجة تعسر قضائها، وربگ الكريم لم يستجب لك..
كم بكيناً في أيام حياتنا، وكم وقفاً متضرعين وجلين داعين الله العزيز الجبار الرحمن الرحيم العفو الكريم، بأن يجيب دعوات كانت تختلج صدورنا، وكم من عدم إيجابتها، ضيقة زعزعت نبضات قلوبنا، وأهمتنا وأغمتنا، كم من الأيام نمنا وتوسدنا والدموع قد حفرت علامات على خدودنا، وعلى وسائدنا، ومشاعرنا جُرحت، وعواطفنا ذُبِحت، وبصائرُنا عُميت...
وتعود تصلي وتطلب في خشوعك وفي سجودك وفي صلاتك وفي قيامك وفي صيامك، وتقول لما ياربي لاتجيب دعوتي، وتحقق ماأريد… أهذه الدعوة صعبة عليك، هذا وأنت الربُ الكريم… يارب، يارب، يارب.
تجوب الأرض والسماء، وقد تقطع المسافات متنقلاً ومسافراً، في البر والبحر، تبحث عن من يهديك حاجتك، وعن الطرق التي قد تتسبب في قضائها، وعن فرج لدعوتك، وربگ يؤخرها ويؤخرها ويؤخرها…
وربگ العظيم الرحمن الرحيم، يعلم خائنة الأعين، ويعلم ماتسر به النفوس، ويعلم لو تحققت تلگ الحاجة لربما ليست في صالحك، ولكنك لاتعلم ذلك، ولا ترى غير أنك تُريدها بأي ثمن، وبأي وسيلة وطريقة كانت..
قصة قديمة:
كانت أمرأة لاتحمل، وقد شارفت على سن اليئس وتتوق لتحمل وتلد، ولكن إرادة الله، ظلت وأستمرت في ألحاح على رب العزة، ليرزقها الذرية الصالحة، فرزقها الله بخمسة أطفال، في سنوات متتالية، فضجُرت تلك المرأة، ووقفت تدعو وتُلح في دعائها، يارب خلاص ماأبي ذرية، يارب خلاص ماأبي أطفال، يارب مافيني حيل أصرف عليهم، يارب ماعندي أوكلهم ولا أشربهم، ولا أمتلك قوت يومي، فما بالك بقوت يومي وقوت أبوهم وقوت خمسة أطفال…!
العبرة من ذلك الله وحده يعلم تدبير الكون والكائنات ويعلم ماينفعگ في وقته، ومايضر بصالحك في وقته، ولذلك يمنحك ويعطيك ويكرمك في وقت قد تكون فقدت فيه الأمل والصبر، ويفاجئك الله بكرمه وعطاياه، التي لم تتوقعها…
قس على ذلك:
- الزواج
- الوظيفة
- العمل
- الحمل
- الولادة
- تعسر الأشياء
- التجارة
- الخسارة
- الفشل
- الدراسة
- التخصص العلمي/العملي
- الأمور الحياتية التي يكاد يجزع منها الأنسان، والعبد المسكين..
ربك العفو الغفور، يقول في كتابه:
”عسى أن تكرهو شيئا وهو خير لكم، وعسى أن تحبو شيئا وهو شر لكم“ صدق الله العظيم..
الأنسان بطبعه حينما يغفل عن علم الغيب، ويغفل عن كثير من الأمور الغيبية التي لايستطيع الأطلاع عليها، وهو وحده سبحانه وتعالى يعلمها لربما يؤجل لك أستجابة دعوة، رأفة فيك، ولربما يؤجل لك تيسير أمر وهو خير لك، ولربما لايستجيب لك في أمر ماء…
وبعد فترة من الزمن، وأنت نائم كنت أو مستيقظ، ترا حاجتك لم تقضى، ولكن الله وعد الصابرو أن توفى أجورهم، وقد وفى الله عز وجل أجرك وصبرك، وأبدلگ بأحسن من هذه الحاجة ألاف المرات، بحيث أنك سقطت على الأرض من شدة الفرح مابين ركوع وسجود..
وقد تكون أنت تحمد الله وتشكره، بأن الله أراك أشياء وعلامات، ودلائل، بأن تلك الدعوة وتلك الحاجة لو قضيت لك ولو أستجابة لك، لفتكت بك فتكاً، ولربما كانت سبب في نهاية عمرك، ولربما كانت سبباً في هلاك ودمار صحتك، ولربما كانت سبباً في ضياع رزقك، ولربما كانت سبباً في جنونك وفقدانك عقلك، ولربما كانت سبباً لكل سوء ومكروه في حياتك، ولكنك لم تكن مُطلع، ولك تكن تعلم غيبيات ذلك، ولكن الله عز، وجل جنبك كل هذه المهالك، ورحِمك رحمة بك، وكرماً ربانياً..
مايُذهلك أن كرم الإله ورحمته كانت تُحيطك وأنت أنت لاتشعر بها مع عُمق ألحاحك..
لاتجزع ولا تفزع ولا تفجع ولا تنصدم، من قدرة الله..
الحمد لله والشكر لله