التخلف
يأخذ التخلف الحضاري أشكالاً مختلفة من السلوكيات والممارسات في بلدان العالم العربي؛ حيث لا تستطيع هذه البلدان مواكبة الشعوب والبلدان المتحضرة والمتطورة ثقافياً وعلمياً واجتماعياً واقتصادياً. تتراوح هذه السلوكيات بين نمط العيش وأساليب التعامل مع الآخرين في شتى المجالات وبين الإضرار بالبيئة والموارد الطبيعية، مخالفين في كل ذلك للقوانين الوضعية التي تسن وتشرع لحماية الأفراد والمجتمعات والبيئة والثروات الطبيعية من أجل حياة كريمة مستدامة لنا وللأجيال القادمة «مع افتراض أن هناك قوانين وضعية». إن بعضاً من أوجه التخلف هي كما يلي:
المبالغة في إنتاج القمامة والزبالة وطريقة التخلص منها والذي يضر ويسيء للبيئة بشكل كبير. الاقتصاد في حياتنا اليومية وإعادة التدوير وغيرها من وسائل المحافظة على البيئة ليست من أولوياتنا.
ردم البحار وتخريب البيئة البحرية وما نتج عنه من نفوق الأسماك وهروبها إلى مناطق وبلدان أخرى، مما يحرم الناس من مصدر مهم من مصادر الرزق والغذاء كأحد مقومات الحياة والأمن الغذائي عل مدى الزمان.
المبالغة في استخدام المياه وهو مورد ناضب؛ في البيوت وبرك السباحة، والأدهى من ذلك كله، الري الزراعي للمشروعات الضخمة مثل زراعة القمح وغيره دون حساب للمستقبل، وذلك بسب الجهل وضعف أو عدم التخطيط للمستقبل.
ليس من ثقافتنا الانتظام في صفوف وطوابير في كل محفل ومناسبة.
عدم احترام القوانين في كل المجالات بشكل عام إلا من قلة من أفراد الشعب.
نصرف كل أو جل أوقاتنا ونضيعها في الموضوعات الهامشية والجدل العقيم في التراث وفي كل ما لا يمت لحاضرنا ومستقبلنا بصلة، أو يعود علينا بالنفع والفائدة. الوقت مال.
مجالسنا ولقاءاتنا في الواقع والواقع الافتراضي فيها الكثير من سوء استخدام التكنولوجيا، وهذه مضيعة للوقت دونما فائدة للفرد أو المجتمع أو الوطن. في الوقت الذي تخدم فيه التكنولوجيا الشعوب المتقدمة في التقدم أكثر وتحقيق الذات والطموحات.
تسليمنا المطلق بالمسلمات دون تمحيص وتدقيق، وقبولنا بالتراث بغثه وسمينه، جعل منا أمة تعيش الحاضر بمعطيات ومخرجات الماضي السحيق.
غياب الحريات بأشكالها؛ جزء منه مسؤولية المؤسسات، مثل حرية التعبير ومناقشة المسؤولين والمعارضة.. وغيرها، والجزء الأكبر مسؤولية المجتمع «الحرية الاجتماعية والشخصية في حياتنا اليومية»، والتدخل في أمور الآخرين الشخصية. علماً بأن الحرية التي تمارسها المؤسسات تجاه عامة الناس هي من تبني في الأفراد والمجتمعات حب الحرية والرغبة في ممارستها بين بعضهم البعض.
غياب المؤسسات التعليمية والتدريبية ومراكز الأبحاث أسوة بالدول المتقدمة والمنتجة صناعياً وزراعياً وتكنولوجياً ومعرفياً، علماً بأننا نمتلك المال الكثير، ولكن في غياب واضح للتعليم الفاعل والمنتج، والإدارة في كل مستويات الهرم الإداري في مؤسساتنا.
عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب؛ هدر للطاقات وخسارة للوطن. إذ يقوم التوظيف في مختلف الدرجات والمناصب على الانتماءات بأشكالها المتعددة «القبلية، المناطقية، الطائفية.. الخ».
الفساد وغياب سيادة القانون «إذ يجب سن القوانين وفرضها على الجميع دون تمييز».
التبذير والهدر؛ على مستوى المال العام، والأفراد والجماعات.
غياب التخطيط للحاضر والمستقبل من قبل الأفراد والمؤسسات، في غياب واضح وإهمال للمؤسسات التشريعية والتنفيذية، كل من موقعه.
بالعلم والثقافة والعمل الجاد والحرية والتفكير المنهجي والأخذ بأسباب النجاح المتنوعة أسوة بغيرنا من المجتمعات والبلدان الأخرى التي سبقتنا، والعمل على إيجاد حلول للنقاط أعلاه؛ يمكن أن نرتقي بأنفسنا في مصاف الأمم الأخرى التي نهضت حضارياً بعد انحطاط وحياة في الجهل والظلام والتخلف.