هل تحول الحوار الوطني إلى ظاهرة صوتية؟! «2 - 2»
أتذكر في ردي على د. غازي رمزنا الأدبي الراحل، أن طالبت مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، القيام بمهمة وحيدة لا ثاني لها، هي تحويل مخرجات حواراته، التي لامست بعضاً من قضايانا المعلقة، إلى صياغة استراتيجيات وطنية، تقوم على دراسات مسحية بنيوية لمجمل مشكلاتنا، في استشراء ظواهر التعصب والتطرف والإقصاء، التي أنتجت أفعال الإرهاب المدمرة للأمن الوطني، منادياً إلى ضرورة تجديد الخطاب الديني.. والعمل على قوننة مفهوم وطني تعاقدي واحد، يحمي وحدتنا الوطنية من أي سلوك من سلوكيات التمايز، الممارسة في المجتمع وفق مفاهيم قبلية وإقليمية وطائفية.. وهو ما لامسه الملك سلمان في عدد من خطاباته، منذ تولى بكل نقد وشفافية.. وأيضا حل معضلة التربية والتعليم، بالشراكة بين البيت والمدرسة، وتخليص دور المرأة من تغييبها عن المشاركة الفعالة في القطاعين الحكومي والخاص، بتمكينها من العمل في كافة برامج التنمية الوطنية.. وتعميم مشروعات البنية التحتية خارج المدن، وكذلك محاصرة أخطار البطالة المحدقة، والقضاء على ظواهر الفقر ومشكلات المخدرات، وتقليص هذا الحجم المليوني الهائل من العمالة الوافدة، وتوفير فرص عمل للمتخرجين بعد إعادة تأهيلهم لمتطلبات العمل حيث يرفضهم قانون السوق في القطاع الخاص - لما يحملونه من مؤهلات نظرية غير عملية - غدت عبئاً على المجتمع والدولة.
هذه وغيرها من قضايا التغيير الاجتماعي انتظرنا طويلاً من مركز الحوار الوطني، دون أن يفعل توصياته بشأنها مع جهات الاختصاص، لمعالجة سلبياتها، والبناء على تراكماتها الإيجابية.. فقد كان المطلوب صياغة استراتيجيات، لا تحتمل التأجيل وممكنة التطبيق، بحيث تكون أمام صانع القرار، يحركها على مسرح المتطلبات الوطنية.
هذا ما كان وما يزال على مركز الحوار الوطني أن يقوم به، مستعيناً بدراسات الأكاديميين المنهجية، وخبرات الاستراتيجيين العملية.. متفحصة علل الظواهر ومسبباتها.. ومتطارحة الخيارات والحلول.
أما استمرار ثقافة الحوار على أهميتها القصوى، بهذا الصور النمطي الثابت، فإني أخشى على دور المركز أن يتحول إلى ظاهرة صوتية!
هذا في حين أصبحنا نرى القرار السياسي الشاب يسبق بعنفوانه مجريات الحوار. الوطني، في حل بعض قضايانا المزمنة بمسافة ضوئية!.. ومنها ما ذكرته أعلاه.