قراءة في كتاب ”الإنسان بين ثقافتين“ لمؤلفه: الشيخ حبيب الهديبي
من خلال عنوان الكتاب ينطلق الشيخ حبيب الهديبي برؤية مغايرة في تجربته التي حاول فيها جاهداً تقريب الصورة عن مسيرة الإنسان على وجه هذه الأرض، وكيف كان يعيش التجاذب بين نوعين رئيسين من الثقافات والمسارات.
وهما المتمثلان في: ثقافة السماء وثقافة الأرض.
ولعل ما يميز هذا الكتاب الجميل هو بروز حالة التباين بين الثقافتين في مسيرة الإنسان، ومنها يود الشيخ الهديبي التنويه إلى أن الحرب سجالاً من خلال الصراع بين حملة كل من الثقافتين والدعاة إليهما.
وعطفًا على الثقافتين، ينخرط الشيخ الهديبي في العمق شيئاً فشياً ليوضح المقارنة بين الثقافتين، والنتائج التي أنتجتهما في حياة الإنسان، والفرق بين الشخصية التي تصوغها ثقافة السماء، والشخصية التي تصوغها ثقافة الأرض.
وبناء على ما ذكر يوضح المؤلف أن ما أورده من خصائص وسمات الشخصية الإيمانية التي تصوغها ثقافة السماء جاءت انطلاقا من خلال الوقوف على تجليات وخطب أمير المؤمنين علي ”“.
ويمضي الشيخ الهديبي في كتابه ليشدد على أهمية أن يكون الإنسان مستوعبا الوضع الاجتماعي من حوله، ومدركا ببصيرته ما في الساحة من توجهات مختلفة وتكتلات متعددة، وما يحدث بينها من صراعات ومواجهات، حتى يستطيع أن يوفر على نفسه عدم التورط في فتنة ما، أو يستغل من قبل بعض جهات الصراع.
ويلخص إلى أن الإنسان متى ما امتلك وعياً اجتماعياً فهو بين خيار القدرة على الإصلاح والتقريب، أو تبني مبدأ الحياد والبعد عن مواطن الخلاف.
ومن بين إشراقات هذا الكتاب تسليط الضوء على إشكالية الأعمال الحسنة الصادرة من غير المسلم أو المؤمن: فهل يُثاب عليها من قبل الله؟ كأعمال بعض الفلاسفة والمخترعين والمكتشفين من غير المسلمين، والتي غيرت وجه الدنيا وساهمت مساهمة عظيمة في تقدم المجتمعات وتطورها.
الجدير بالذكر أن الشيخ الهديبي له العديد من المؤلفات منها: إشراقات فكرية من أنوار الخطبة الفدكية، قراءات في بيانات الثورة الحسينية، محاضرات منبرية، الإمام المهدي ملتقى سنن الأنبياء، كما أنه شاعر وأديب، خطيب حسيني مبدع، وقد كان الشيخ محمد الهاجري يعده من أبرز الخطباء الحسينيين بالمنطقة ويشيد بفكره وتقواه.