العُزلة المدينية .. القطيف شرقيةٌ وغربيةْ ؟!
مسرحٌ اصطفَ أمامهُ عددٌ من المقاعد الضخمة المخصصة للسادة كبار الشخصيات من الأثرياء، فيشعرُ الممثلُ بعزلةٍ عن جمهوره البُسطاء في الخلف، ويحرمُ أولئكَ البُسطاء في الخلف من الاستمتاع بجمالية ذاك العرض المسرحي.
هكذا أضحى حال مدينة القطيف اليوم، حيث يمتد ذاك الشريط الڤللي الفاخر على إمتداد شارع الخليج، مُقسمًا القطيف معنويًا وشعوريًا إلى قطيفٍ شرقيةُ تضمُ الواجهة البحرية - الذي تعتبر من أهم المناظر التي تطل عليها المدينة -، وجزيرة تاروت بمعالمها التاريخية، وقطيفٍ غربيةُ تحتضنُ شارعِ القدس الشريان التجاري للمدينة وقلبُ القطيف التاريخي حيث تتمركز الأحياء القديمة وقلعةٌ القطيف وسوق مياس الشعبي، فيشعر المتنقل في الارجاء بأن هذه الڤلل الضخمة هي محور يقسمُ المدينة فيعزل شريانها متمثلا بشارع القدس عن شريانها الآخر وهو الواجهة البحرية، مما يشعر مرتادي الواجهة البحرية بالإنغلاق والابتعاد والعزلة عما يحدث في الشارع التجاري الذي لايتجاوز بعده على أكثر تقدير الثلاثة كليومترات غربا.
تساؤلٌ قد يكون قاسيًا بعضَ الشيء، ولكن هل يعتقد مُلاك العقارات أن ولمجرد إمتلاكهم قطعة أرضٍ يعني بأن المدينةُ أضحت ملكاً لهم؟ محتكرين بذلك المشهد الابرز - الواجهة البحرية - في المدينة أولاً، ومنتهكينَ أيضًا أبسط حقوق الجيرة وهي المساواة في حصولهم وجيرانهم على نفس القدر من ضوء النهار ونفس القدر من نسيم البحر ونفس القدر من الاطلالة، وذلك بسبب ارتفاع ڤللهم عن المنازل التي خلفها وأيضا بسبب ازدياد عُرض هذه الڤلل عن متوسط عُرض المنازل في الخلف.
تساؤلٌ آخر يطال الآن جذورَ المُشكلة، وهي التصميمُ الحضري الأساسي للمدينة، هل كان الحي السكنيُ هو الحلُ الأمثل لاستغلال تلك المساحةِ البسيطة التي تفصل بين شارع القدس والواجهة البحرية؟ لماذا لاتحصل القطيفُ على عدة جادات تجارية واسعة وخضراء يتخبى فيها المنازل في شبكات مربعة خلف المحلات تجارية والأسواق ذات الطابع الشعبي والمقاهي، تربطُ شارع القدس بالواجهة البحرية، محررةً بذلك المدينة من عزلة أطرافها بعضهم عن بعض، وتفتحها على المشهد البحري، تمنحنا كمسخدمين حرية ”المشي“ والتنقل بسهولة في مركز مديتنا، تعززحياتنا الإجتماعية والمدينية.. والأهم،،، تحريرنا نحن كبشر من الشعور بالعزلة عن محيطنا!!