إنهيار السلوك الأخلاقي في المجتمع
الصورة الإنسانية التي خلق الله تعالى عليها البشر هي من أفضل وأجمل الصور قال تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾، لكن الإنسان هو الذي شوه وخرب هذه الصورة بأفعاله وسلوكياته اللاإنسانية.
إن البشر الذين نتعامل معهم كل يوم مهما اختلفت أعراقهم وأجناسهم، لديهم الإستعداد لارتكاب أفعال شنيعة لو أُتيحت لهم الفرصة، طالما ليس عندهم ضمير أو رادع أخلاقي داخلي، وهذا ما يجعلنا نقول إن السلطة بحاجة إلى القوة دائماً وتطبيق القانون على الجميع دون تمييز بين أسود أو أبيض لتعزيز وجودها، وإن الحرية لا يمكن أن تمنح بصورة مطلقة دون رادع أو قانون أو نظام أو وازع أخلاقي داخلي.
إن السلوك الأخلاقي الداخلي لدى الإنسان يجب أن يكون حاضراً معه في كل عملٍ يقوم به، فمثلاً عندما يكون رجل الأمن غير موجود في مكانه لا يحق لي الإعتداء على ممتلكات الآخرين، أو عندما يكون رجل المرور غير موجود في مكانه لا يحق لي أن أقطع الإشارة الحمراء وأعتدي على طريق الآخرين. إن الأمانة ركن أساسي في شخصية الإنسان عموماً، والذي إن فقدت الأمانة منه فقدت ثقة الناس فيه وأصبح محل تشكيك بينهم، فهذه السلوكيات المقرفة وهذه التصرفات من البعض مستهجنة من الناس العقلاء في المجتمع.
إن أحد أخطر أسباب مشاكلنا هو أن كل واحد منا يعتبر نفسه نموذجاً وقدوة للآخرين ولا يرى نفسه بموضوعية! رائع جداً أن تكون قدوة ونموذجاً طيباً ولكن هل أنت فعلاً كذلك؟ هل أنت صاحب أخلاق؟ وهل أنت تتبع الحق الذي أنزله الله تعالى، أم أنك تتبع الحق الذي تعتقد أنت أنه حق؟ والثوب الأبيض الذي تلبسه أمام الناس يجب أن يشع بياضاً عندما تكون وحيداً لا يراك أحد من البشر إلا الله تعالى.
إن الدين الإسلامي نصفان: عبادات ومعاملات ومعظمنا للأسف الشديد فاشل في النصفين! لذلك نجد أن السلوك الأخلاقي الداخلي لدى الكثيرين منا قد إنهار، ولو لم يكن كذلك لما رأينا هذه الأعمال والسلوكيات المستهجنة التي يقوم بها بعض الشباب في الأماكن العامة، من تفحيط واستعراض منبوذ بالدبابات النارية، والتي تعرض حياة الناس للخطر هي خير شاهد على سوء أخلاقنا.
خلاصة القول إن منظومة السلوك الأخلاقي الداخلي للإنسان في المجتمع قد إنهارت، بسبب التصرفات الغير أخلاقية التي يمارسها المتهورين في الأماكن العامة، والمرفوضة من الناس العقلاء في المجتمع، وشكراً لرجال الأمن ورجال المرور الذين وقفوا بكل حزم لهؤلاء المتهورين الذين استباحوا حرمة الأماكن العامة، ونتمنى أن تعمم هذه الخطوة على كل الأماكن التي يرتادها الناس لينعموا بالراحة والأمان.