آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

شهر رمضان المبارك وظاهرة الإسراف

عباس سالم


ظاهرة الإسراف في شهر رمضان المبارك عادة مجتمعية تتعارض مع تعاليم الدين الحنيف المخالف لذلك، والتي ينبغي علينا الوقوف في وجهها بكل حزم للحد من هذه الظاهرة.

إن العالم العربي يوصف بأنه مجتمع استهلاكي في معيشته، من المأكل والمشرب والملبس وحتى المسكن، وهذا لا ينسجم مع ما يحذر منه الدين الإسلامي وهو عدم الإسراف والتبذير، فثقافة الإسراف في المجتمع جلية في كثير من المناسبات طوال العام، وخلال شهر رمضان المبارك تختل الموازين، فتجد الإسراف مضاعفاً لا سيما في إعداد الطعام والشراب من حيث الأصناف والأنواع والكميات المعروضة على مائدة الإفطار.

إن ربات البيوت يعتبرن المسؤول الأول عن ظاهرة الإسراف في شهر رمضان المبارك، كون المهمة الأولى تبدأ من المطبخ، لذلك يجب على ربة البيت وضع خطط محددة تسير وفقها خلال أيام الشهر الفضيل تجنباً للمغالاة والإسراف في أمور كثيرة، وعليها ألا تسعى في الإكثار من إعداد الأصناف الغذائية التي تمتلئ بها مائدة الإفطار ولا تؤكل، لأن الصائم لا يأكل سوى القليل من الطعام، وللأسف سوف تكون الأكياس السود نهاية حتمية للطعام والذي سوف يحاسب عليه الفرد حتماً.

إن رب الإسرة يجب أن يكون أهلاً للمسؤولية في نشر ثقافة عدم الإسراف بين أفراد العائلة، والكف عن التقليد والمغالاة في كثير من الأمور، وأن يقدم النصح والإرشاد للزوجة ومن يساعدها في إعداد الطعام في أيام شهر رمضان المبارك على ضرورة المحافظة على النعم، وعدم التبذير والإسراف فيها.

إن الهدف من الصوم هو تهذيب النفس وتعويدها على الصبر، والشعور بالفقراء والمساكين، ولتقريب إحساس المجتمع من المحتاجين، ومعنى ذلك أنه لا بد من التقليل من الموائد الرمضانية والإكتفاء بالقليل من الطعام بما يمكن الفرد من أداء مهامه الوظيفية والدينية، وليس الإحساس بالتخمة والشبع والتي تؤدي في النهاية إلى السمنة وعدم الإحساس بالراحة والتكاسل عن أداء العبادات.

إن شهر رمضان المبارك أيها المؤمنون ليس للطبخ والنفخ وملئ البطون، وليس للجلوس أمام الشاشة المستطيلة ومشاهدة العفن الفني، وإنما هو شهر للتربية الروحية، شهر الله فيه أنزل القرآن الكريم، وفيه ليلة القدر التي هي خَيْرٌ من ألف شهر، عودوا إلى عادات آبائكم وأجدادكم، وتعالوا إلى مجالس الذكر، وغذوا أرواحكم بكلام الله عز وجل، وتعرفوا على المسائل الشرعية في أحكام الصوم وغيرها.

وفِي النهاية كان الله في عون ربات البيوت حين يحل الشهر الكريم، واللاتي يجدن فيه أن مهامهن تتضاعف، حيث يعانين في رمضان من ضيق الوقت وتراكم الواجبات، والمسؤوليات بين تحضير الوجبات والحرص على التنوع والتجديد، والعناية بالأطفال والاهتمام اليومي بنظافة البيت ونظامه.

ووسط هذا الزخم من الالتزامات دعوة للأولاد والبنات ولكل رب أسرة بالشكر والامتنان لسيدة البيت، لتحملها تعب الوقوف في المطبخ طيلة شهر رمضان المبارك دون كلل أو ملل، ومني لكم: مبارك عليكم شهر رمضان المبارك وتقبل الله أعمالكم.