عثرات في الطريق إلى الله
«مالي كلما قلت قد صلحت سريرتي وقرب من مجالس التوابين مجلسي.. عرضت لي بلية أزالت قدمي وحالت بيني وبين خدمتك سيدي» من دعاء ابي حمزة دعاء السحر.
مع اقتراب مواسم العبادة ومواطن الطاعة يزاد حماس المؤمنين في الاستعداد لها ويتلهفون شوقا إلي الولوج في رياضها والارتشاف من صافي معينها ليرووا ظمأ ارواحهم ويخففوا عن كواهلهم بعض من اوزارهم ويتزودوا من التقوى بما يعينهم ويكفيهم لباقي حولهم استعدادا ذهنيا من خلال تصور تلك الاجواء التي تشحذ هممهم وتقوي عزائمهم ونفسيا باستجلاء تلك المشاعر والاحاسيس الجميلة التي تغمرهم بالراحة والطمأنينة وفكريا من خلال إنارة بصائرهم وصفاء أذهانهم وسلوكيا بالقرب من المؤمنين الصالحين وعلماء الدين والتردد والإقبال بشوق على دور العبادة وكتب الأدعية ومجالس الذكر وتجهيز اماكن العبادة ووسائل الطاعة
وقد يرى بعض المؤمنين نفسه متماسك في إيمانه ومحتفظ بكمن من تقواه خلال سنته واثقا من إرادته وقدرته وثبات خطواته نحوى مواطن الطاعة ومواسم العبادة وفي غفلة من أمره وفي غير رغبة منه يرى قدمه قد زلت وإرادته أصابها الوهن وذهنه تغالبه وتجاذبه الافكار المنحرفة وغرائزه تنازعه الى غير الجادة من الصواب والحكمة
فيرى نفسه منهك القوى مثقل الخطى قد تهاوت عزمته وتلوثت افكاره وافلت رؤاه وتلاشت احلامه وقلت توقعاته في أن يحصد الكثير من الخير والروحانية والتوجه في هذا الموسم وليس هذا فقط وإنما يرى حاله يرتع في ضحضاح من المعصية وترفل طرافه بالخطيئة ويتخبط في ظلام الذنوب...
«اذا احسست من رأيك باكداد ومن تصورك بفساد فأتهم نفسك بمجالستك لعامّي الطبع أو لسيء الفكر وتدارك إصلاح مزاج تخيلك بمكاثرة اهل الحكمة ومجالسة ذوي السداد فإن مفاوضتهم تريح الرأي المكدود وترد ضالة الصواب المفقود» الامام علي .
والحال هذه ليست مرتبطة بالمواسم والمواطن وإنما أيضا في المراحل العمرية المختلفة «وكمن ذنب يتركه الإنسان صغيرا ليرتكبه كبيرا» فقد يرى الإنسان نفسه وهو في حداثة سنه وريعان شبابه متمسكا بمبادئ الدين وأحكام الشريعة ومجتنبا للمعصية ثابتا على سلوك طاعته واستقامته ردحا من عمره وليس بالقليل وبعد أن تقدم به العمر واذا به يقع فيما يخشاه ويرتكب ما كان يتجنبه ويحذره من التهاون في العبادة والطاعة والوقوع في المعصية او الاغتراف من الذنوب..
ترى مالذي دهى هذا الإنسان المؤمن وابعده عما يحب واوقعه فيما يكره وافلسه ما جمع وضيع عليه ما حصل وربما تكرر ذلك معاه عام بعد عام إلا ما رحم ربي.. فربما نرى الاجابة تكمن في عدة مواقع «العجب والأمن او/ الغفلة، التهاون، رفقاء السوء واي منهم قد يوقعنا في حبائل الشيطان»
.. سيدي لعلك عن بابك طردتني وعن خدمتك نحيتني أو لعلك رأيتني مستخفا بحقك فاقصيتني أو لعلك رأيتني معرضا عنك فقليتني أو لعلك وجدتني في مقام الكاذبين فرفضتني أو لعلك رأيتني غير شاكر لنعمائك فحرمتني أو لعلك فقدتني من مجالس العلماء فخذلتني أو لعلك رأيتني في الغافلين فمن رحمتك آيستني أو لعلك رأيتني آلف مجالس البطالين فبيني وبينهم خليتني أو لعلك لم تحب أن تسمع دعائي فباعدتني أو لعلك بجرمي وجريرتي كافيتني أو لعلك بقلة حيائي منك جازيتني. الامام علي بن الحسين
وفي الطرف المقابل يزاد نشاط شياطين الجن والانس في وضع خططهم وتطوير اساليبهم وطرقهم والاحتراف في ابتكار العراقيل من إثارة الغرائز والشهوات واحداث الغفلة لصد المؤمنين وحرفهم عن مبتغاهم ثم ليرو انفسهم بعدهاسلكوا واد آخر وتدحرجو بعيدا عن مبتغاهم ووجهتهم حيث يتم ذلك تدريجيا من خلال الإعلان والتسويق لتلك الادوات ومثيرات الشهوات وقتل الغيرة واشاعة جو الرذيلة والتطبيل لها واستسهال امر المعصية واستحسانها وتجميلها بعناوبن ومفراد تتماشى مع الاهواء والاغواء وتبلغ في ذروتها مزاحمتا لذروة الطاعة والقرب من الله حيث ينبغي أن يكون.
«اَللّهُمَّ ارْزُقْنا تَوْفيقَ الطّاعَةِ، وَبُعْدَ الْمَعْصِيَةِ، وَصِدْقَ النِّيَّةِ، وَعِرْفانَ الْحُرْمَةِ، وَاَكْرِمْنا بِالْهُدى وَالاِْسْتِقامَةِ، وَسَدِّدْ اَلْسِنَتَنا بِالصَّوابِ وَالْحِكْمَةِ، وَامْلأ قُلُوبَنا بِالْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَطَهِّرْ بُطُونَنا مِنَ الْحَرامِ وَالشُّبْهَةِ، وَاكْفُفْ اَيْدِيَنا عَنِ الظُّلْمِ وَالسَّرِقَةِ، وَاغْضُضْ اَبْصارَنا عَنِ الْفُجُورِ وَالْخِيانَةِ، وَاسْدُدْ اَسْماعَنا عَنِ اللَّغْوِ وَالْغِيبَةِ..» من دعاء الامام المهدي المنتظر