في رحاب شهر رمضان المبارك
شهر رمضان المبارك على الأبواب ولا زال الملايين من المسلمين يذوقون ويلات الفقر في أكثر من بلد عربي مسلم! ألم يحن الوقت بأن نتحسس ما يشعر به هؤلاء الناس؟ وعلينا أن نوقف حالات الإسراف التي تزداد بيننا في شهر رمضان المبارك، ولا ندري متى ستفيق هذه الأمة من حالة الغيبوبة العميقة التي وقعت فيها.
إن حالة الاستنفار عند الناس تزداد كلما اقتربنا من شهر رمضان المبارك، ولكن ليس خوفاً على الفقراء والمحتاجين من أبناء بلدنا، وإنما هو الخوف على أنفسنا من الجوع وويلاته في شهر رمضان المبارك، فهذه الحالة التي تحدث عند الناس في كل عام يطل علينا فيها شهر الله ”شهر رمضان المبارك“ لا نعرف ما أسبابها.
إنما نشاهده من ازدحام غير مألوف في الأسواق والمخازن الكبرى بطوابير من البشر، يجرون عرباتهم المحملة بأصناف من المنتجات الغذائية يجعلنا نتساءل، هل أن البلاد مقبلة على شهر مجاعة؟ وهو الذي سبب لهم حالة الاستنفار تلك لتخزين أنواع الأطعمة في المنازل، أم إنه خوف على أطفالنا من الذّهاب إلى مجمعات القمامة والبحث عن كسرات الخبز التي نسد بها جوعنا كما هو حال كثير من الأطفال في الدول المجاورة..!!
إن المصيبة الكبرى هي مع تباشير شهر رمضان المبارك، تظهر بين الفينة والأخرى إعلانات تشد الأنفاس في القنوات الفضائية، عمّا هو جديد من الأغاني الهابطة بكلماتها ذات الإيحاءات الجنسية ومشاهدها المتعرية، والأفلام التي توظف لها نجمات الإغراء، والمسلسلات التي تدخل كل بيت من دون استئذان، مخاطبة الغرائز ومتجرئة على الترويج لكل قبيح، ابتداء من الخيانات الزوجية، وحتى علاقات المحارم، كل ذلك إضافة إلى البرامج التي تدعي التحرر والانفتاح، والتي تدور في معظمها حول التشكيك في القيم، والمبادئ، والعفاف، والستر! فشهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن قد خصه الله بشهر العبادة والطاعة له سبحانه، وليس لهذا العفن الفني والدراما الهابطة من المسلسلات والبرامج التي تتسابق لبثها أكثر المحطات العربية كل يوم.
إن شهر رمضان ليس القصد منه إشباع البطون بمختلف الأطعمة، وإنما القصد منه التقتير والشعور بما يتألم منه الفقراء في المجتمع وفي الدول الفقيرة، فيتحسس الصائمون بمن حولهم من المسلمين وبالخصوص الذين يتألمون كل يوم بسبب الحروب، وما نشاهده من حالات الفقر التي تبث عبر الفضائيات، ويتألم لها الضمير الإنساني لكن دون حلول لوقفها أو الحد منها!
إن أكثر شهرٍ ترهق فيه الجيوب هو شهر رمضان المبارك، وذلك بسبب ثقافة الإسراف فيما تحتويه موائدنا بأنواع وأشكال الطعام تفوق عن حاجتنا، والتي تمتلئ بها للأسف أماكن الزبالة في النهاية.
أفيقوا أيها الناس فإن النعمة زوالة، لذلك نتمنى منكم أن تقللوا من ترفكم في هذا الشهر الكريم فحولكم أمم تتألم جوعاً وعطشاً، فلا تتباهوا بتصوير ما تحتويه موائدكم من أصناف الطعام ونشرها عبر وسائل التواصل الإجتماعي، فقد حدثنا آباؤنا بجوع مر بهم ونخشى على أبنائنا أن يحدثوا أبناءهم بنعمة مرت بهم.
خلاصة القول إن إسرافنا يتجلى في شهر رمضان وأظنه سيتجلّى أكثر إذا لم نبادر بالتصدي لظاهرة الإسراف والمحافظة على نعم الله ونتذكر قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾.