أيها الصينيون.. رحمة بنا!
في السنوات الأخيرة تطورت علاقات المملكة الدولية، منفتحة على دول العالم الكبرى، خارج المنظومة الغربية بالانفتاح على روسيا والصين، اللتين تشكلان مع أميركا وبريطانيا وفرنسا الأساس النمطي للنظام الدولي.
وحسناً فعلت المملكة بانفتاحها على هاتين القوتين لتعديل ميزان التوازن الاستراتيجي في علاقاتها الدولية، حيث تتعرض بنية العلاقات الدولية في السنوات الأخيرة إلى متغيرات غير مسبوقة، فالكل يتوجه شرقاً بما فيها أميركا، رغم محاولاتها الأخيرة فرض ضرائب على المنتجات الصناعية التي غزت أسواقها.
وهذا هو حديثي اليوم حيث يتعرض السوق السعودي الاستهلاكي لاجتياح واسع من بضائعه المغشوشة، وكنت قد طالبت قبل اثني عشر عاماً، في مداخلة مسهبة لي تحت قبة مجلس الشورى، بمحاصرة هذه الظاهرة الخطرة، التي تستنزف صحة مواطنينا واقتصادنا الوطني معاً.. وأكدت عليها غير مرة، بعد زيارة ملكية للصين قبل ست سنوات.
منذ عامين اطلعت على ما يؤكد في ما حذرت منه، في تقرير مصلحة الجمارك العامة، عن نشاطها في مجال مضبوطات المنافذ الحدودية.. وما أدراك ما يجري في هذه المنافذ من المهربات والممنوعات! على أي حال فقد جاء في تقريرها للربع الأول من العام 2016، أن إجمالي ما ضُبط من المواد المقلدة والمغشوشة بلغ 20 مليون وحدة، بينما بلغت الكمية المرفوضة لعدم مطابقتها المواصفات والمقاييس 19,7 مليوناً.
ومع المحاولات الدؤوبة لوزارة التجارة والاستثمار، ومصلحة الجمارك العامة، والهيئة العامة للغذاء والدواء، محاصرة ظاهرة السلع المقلدة أو المغشوشة، المنتشرة في أنحاء المملكة انتشار الخلايا السرطانية في الجسم، عبر محلات أبو ريالين وغيرها من معارض ومتاجر.. فإن جهودها الحثيثة، تكاد تقصر عن السيطرة عليها، خاصة وقد دخل علينا عامل التسوق الإليكتروني الباهر، هذا الذي يحتاج لرقابة ذكية وصارمة، لا من هذه الجهات الحكومية وحدها، وإنما على جمعية حماية المستهلك مسؤولية متابعتها ومراقبة ما يجري في سوقنا الاستهلاكي الضخم من بلايا! لحماية المجتمع العام من أضرار ما نأكل ونشرب ونلبس من مواد غذائية، ونستخدم من سلع مغشوشة.. فهل تلقت هذه الجمعية الوليدة الدعم الحكومي اللازم لوجستياً ومادياً وتشريعياً لمساعدتها؟.
أتمنى ذلك..
ومع كل هذه الجهود المبذولة حكومياً أو المأمولة أهلياً.. فإن القضاء على السلع المغشوشة أو المقلدة.. أو قل محاولة القضاء عليها، يكمن في مصدرها الصيني، فلا أعلم ماذا تم في ما وقعته المملكة في بكين قبل سنوات قليلة، في إحدى الزيارات الملكية، بين وزارة التجارة والاستثمار، وهيئة الرقابة الصينية، إذ تعهد الوزير السعودي وقتها، بتفعيلها وفق نظام الغش التجاري، بالتشهير والغرامات على المخالفين، حيث تم وضع قائمة سوداء بأسماء التجار والمصانع في كلا البلدين، ومعاقبة المستوردين في الغش والتقليد في بلد الاستيراد.
لقد قلت بعد توقيع هذه الاتفاقية: «لكن ما يهمني - هنا - هو الاتفاقية الخاصة بين المملكة وجمهورية الصين الشعبية، للحد من تدفق السلع المقلدة والمغشوشة، التي تكلف اقتصادنا الوطني - سنوياً - قرابة 22 مليار ريال».
فيا أيها السوق الصيني الضخم رحمة بنا!..