آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 12:07 ص

قريباً المرأة وزيرة

محمد رضا نصر الله صحيفة الرياض

حينما قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: «كنا في السعودية نعيش حياة طبيعية قبل 1979، فالدين لم ينص على عباءة سوداء، ذلك اختيار للمرأة غطاء الرأس الأسود».

مضيفاً في مقابلة تلفزيونية على قناة «سي بي إس»، وكان متوجهاً إلى أميركا في رحلة تاريخية مشهودة: «قطعنا شوطًا لمنح المرأة حقوقها ولم يبقَ الكثير، ونعمل على قانون مساواة راتب المرأة بالرجل قريبًا»، وتابع ولي العهد: «تم غزو المدارس في السعودية من العديد من عناصر جماعة الإخوان المسلمين»، مؤكدًا: «لن نقبل أن يغزو التطرف نظامنا التعليمي، سوف نجتث ما تبقى من فكر جماعة الإخوان من مدارسنا».

لو رجعت إلى ما كتبته في صفحة حروف وأفكار في منتصف سنة 1979م بعنوان: «لكي لا نخلع أسناننا»، لوجدت ما قاله الأمير محمد بن سلمان في الصميم من بداية تأزم حركة التغيير الاجتماعي، التي انطلقت محركة عجلاتها بقوة وقتذاك، إثر العوائد النفطية التي حاولت الدولة استثمارها، منذ منتصف السبعينات الميلادية، في إشادة بنية تحتية لعملية التنمية، وفتح مجتمعنا السعودي أمام المتغيرات العربية والإقليمية والدولية.. بعد حرب أكتوبر سنة 1973م.

أتذكر أيامها وقبلها حيث قدمت للدراسة في جامعة الملك سعود، كيف كان المجتمع قاب قوسين من مجريات التغيير العام في العالم العربي.

صحيح كان للمجتمع في الرياض أو جدة أو عنيزة أو القطيف خصوصيته الثقافية المتوارثة، لكنه بدا متفاعلاً بسلاسة مع ما يحدث من تطورات في الوعي والثقافة من حوله، لتنعكس في تطور عاداته وسلوكه.

وقتذاك وكنا شباباً يافعاً، يشدنا شارع الوزير الذي كتبت عنه هنا ذات مرة مقالاً بعنوان «الرصيف البلوري»، أشبه حركته المنسابة بما يجري في الشوارع العربية والعالمية، تماماً كشارع فؤاد في القاهرة، أو الحمرا في بيروت، أو الشانزليزيه في باريس، ففي شارع الوزير المطاعم والبوتيكات ومكاتب الصحف ووكالات الأنباء العربية والأجنبية.

كنا لا نمل من متعة التجوال اليومي فيه، خاصة عندما يأتي المساء، وعيوننا تتكحل برؤية أجمل الأزياء وشم أروع العطور، والشارع يتدفق بتلك الوجوه السمراء الطافحة بالبشر والجمال.

في المقابل كنا نرى في كليات الجامعة، بداية نمو الجماعات الإسلامية عبر بعض طلابها، تحت رعاية كادر من الإخوان المسلمين، تم استقدامه من مصر وسورية، لتسيير عمادة شؤون الطلاب بالإشراف على سكن طلاب الجامعة، الآتين من كل أنحاء المملكة، وما زالت برامج الإذاعة تطن في آذاننا بإذاعة أفكار الإخوان، متمركزة حول سيد قطب الذي كان موديلاً ثقافياً، قبالة موديلات ثقافية قومية وماركسية محرمة في وسائل الإعلام، إذ بدأت كليات الجامعة تقرر مادة الثقافة الإسلامية بمدرسيها المصريين، لينعكس ذلك على النشاط الثقافي الحر في كليات الجامعة، وقد كانت تعرض أروع الأفلام وأجمل الأعمال المسرحية، روميو وجولييت مثلاً.

بعدما فتحت الجامعة أبوابها أمام الطالبة السعودية، أثرت الثقافة الإخوانية بحصرها في الدائرة التلفزيونية المغلقة، لتبدأ مسيرة التشدد الديني، ومحاولة إيقاف دولاب التغيير الاجتماعي، الذي حتمه نهجنا الاقتصاد الحر، المتفاعل مع حركة الاقتصاد العالمي.

اليوم تعمل رؤية 2030 وبرامج التحول الوطني، على استنهاض ذلك الزمن التغييري المتعثر، بأسلوب أسرع وتيرة للحاق بركب الحضارة الكوكبية، والتجاوب مع استحقاقاتها في الحكم الرشيد والرفاه المتوازن، وإخراج المرأة من الاستثناء العالمي بتمكينها، للمشاركة مع الرجل في التساوي في الحقوق والواجبات الوطنية.

هنا هل علي الرجوع إلى ما تداولته هنا، قبل قرابة العقدين مطالباً بإنشاء وزارة لشؤون للمرأة؟ وقد شقت الصفوف في كل مجال.

لن أعود إلى ما كتبت فقد أصبح ما دعوت إليه حقيقة موضوعية ماثلة.

فقط اتمنى رؤيتها في القريب العاجل، عضواً في مجلس الوزراء بعدما دخلت مجلس الشورى، وأبدعت في كل مجال دخلت فيه، من التدريس التعليمي والجامعي والإبداع الأدبي والاستثمار الاقتصادي والأداء الطبي، مخلفة وراءها كل معوقات حركتها، وهي تقود سيارتها بداية يوليو المقبل، حرة طليقة بكل جرأة وثبات، في شوارع تفوقنا الوطني.