آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

لننبذ العادات الدخيلة

فاطمة القروص

في ظل هذا العصر المتسارع بأحداثه وتطوره المتلاحق على كل الأصعدة.. بدأت عادات وتغيرت عادات منها للأحسن، ومنها للأسوأ..

فبعضها يصب في مصلحتنا بإيجاب كمجتمع وبعضها تحوله إلى سالب..

ومنها ظهور بعض السلبيات في مجتمعنا..

وبالخصوص «الفواتح»!

لم يكن لها قديما أي وجود،، من حيث التكلفة في إقامة «الفاتحة» طوال الأيام ومايقدم فيها من أجور وضيافة..

قديما كانوا الخطباء من الجنسين،، نادرا مايشترطوا أجرا معينا على قراءة الفاتحة حتى للمقتدرين،،

أما غير المقتدرين فبعض الخطباء من الجيل الأول اقمنا «فواتح» من غير أجر بقصد الثواب من الله،،

أما المعزيات،،

يأتين لمشاركة أهل المصاب بكل هدوء وأسى،، ويحاولن بقدر استطاعتهن التخفيف عنهن وتذكيرهن بمصائب أهل البيت وماجرى على الحسين وآله،، والباقيات ينشغلن بقراءة ماتيسر من كتاب الله..

أما الحزن والبكاء من «الفاقدات»،، فيغلبه الصبر والإحتساب والتسليم لقضاء الله وقدره بإيمان راسخ بأن ﴿كل من عليها فان، وإن هذا طريق معمور بالراحلين من هذه الدنيا الفانية..

أما الآن انقلب كل شيء رأسا على عقب!

أصبحت «الفاتحة» أكثر كلفة من احتفالات الزواج، مما يشكل عبئ ماديا ثقيلا على أهل الميت..

فالحل..

إما بالإستدانة أو انتظار المساعدة من الآخرين..!

فالقراءة تحولت إلى تجارة واستغلال من بعض «الخطيبات»،، «من البعض» حتى لا يقع اللوم على الجميع،، أصبحن مبالغات في أجورهن، من غير مراعاة للظروف أو خسارة العائلة،،

والمؤسف أيضا بعض اللواتي يرتقين تلك «المنابر»،، بدلا من أن يقمن بدور ما بدأ به أبا عبد الله من إصلاح وتقويم للأمة وينصحن بالتي هي أحسن، والحث على الصبر والرضا بقضاء الله وقدره، والتأسي بمصائب أهل البيت، خاصة في «فواتح الشباب»، يتعمدن قراءة أشعار تخص الشباب لا تمت لأهل البيت بصلة، مما يشعل نار الحزن أكثر ويفقد البعض شعورهن ويصبن بحالات إغماء، تصل للتدخل الطبي..

«الحزن الذي يصل إلى حد إيذء النفس»!

هل هذا من الدين؟ والصبر الذي امرنا به الله؟

وماتسمى «بالدراسة»،،

قارئة القرأن وماتتقاضاه عن الثلاثة أو الخمسة أيام يصل إلى 3000 ريال! ومنذ متى كتاب الله يتاجر فيه؟!

رحم الله من مضى من السلف المؤمن،، أناس لا تحدد أجرا على قراءة مايسمى «الختمات»، فيترك لصاحبها ماتجود به نفسه،، وأناس لا تحدد قيمة مايشترى منه من كتاب الله، يدع المبلغ حسب دفع المشتري وحسب رأيه ”كتاب الله لايقدر بثمن“ وليس للتجارة..

والأدهى من ذلك «المعزيات».. والترحيب ببعضهن وكأنهن في حلقة للتعارف، من غير احترام لأصحاب المصاب،، والسلام المتكرر ايضا على الفاقدات بحجة «التخليف»،، حتى في القراءة، مما يشكل زحاما عليهن وخصوصا في بداية الوفاة والصدمة وطول أيام الفاتحة،، فلا تراعى ظروفهن، مما يعرضهن للبكاء المستمر،، وتشيع الفوضى والتشويش على القارئة، وإشغالهن وإشغال أنفسهن عن الإستماع عما يتلى من كتاب الله، وتعديد مصاب الحسين سلام الله عليه..

أما «مايحز» في النفس،، ذلك البذخ من المقتدرين الذين يحولون المأتم «الفاتحة» إلى مايشبه العرس من تقديم الضيافة للحضور وطلب مضيفات يدفع لهن أجر للقيام بذلك، ومايقدم من أصناف العصائر والحلويات والمعجنات، ناهيك مايطبخ في الوجبات بقصد ”الثواب للميت.. والترحم عليه“!

أليس من الأجدى أن تصرف هذه المبالغ فعلا في ماينفع الميت؟

في اول سكنه في تلك الدار الجديدة الموحشة، التي تحتاج إلى إعمار بالأعمال الصالحة، لتأنس وحشته، وتسكن روعته؟ من صلوات، وأدعية، وآيات من الذكر الحكيم، وصدقات... حبذا لو كانت من ساعة الدفن والليالي الأولى، والعمل الدائم ”الصدقة الجارية“..

فالله وحده يعلم بحال من استعد ومن لم يستعد لذلك السفر الطويل.. والزاد القليل.. نسأل الله حسن الخاتمة..

ولنبحث عن محتاجين فعلا لتلك المأكولات التي تهذر، ويثوب أجرها للميت،،

وأخيرا ارجو المعذرة ممن يقرأ هذه السطور، أن يتقبلها برحابة صدر، فأنا لم أقصد أحدا بعينه، أو أحسد أحدا في رزقه، إنما أردت أن ننأى عما يقلل أجرنا عند الله..

فقد الأحبة لها حرارة لاتبرد،، ولاتنسى، وأسلافنا قالوا «الحبيب لا يدفن إلا في قلب حبيبه»،،

ولكن أوصي نفسي،، وأوصي غيري بالصبر،، فكلنا سائرون على هذا الطريق ولن يبقى إلا وجهه الكريم،،

فأناس متقدمة، وأناس متأخرة،، فلنبكي برحمة رحمة بهم ورحمة بأنفسنا، من غير اعتراض على مشيئة الله،،

ليس بالكلام، بل بالأفعال عندما نؤذي أنفسنا،، فالله سبحانه من أوجدنا في هذه الدنيا الفانية لنلهو قليلا ونرحل إلى دار القرار ولنمتثل لأمره وحسن جزاءه الذي وعدنا به...

﴿إنما يوفى الصابرون أجرهم...

﴿الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون...

ولنسعى جميعا نحو التغيير للأفضل، بما يعود بالنفع، والأجر المضاعف،،

ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على دينه الذي ارتضاه لنا، واتباع سنة من أمرنا بإتباعه: محمد وآله صلواته عليه، ويرزقنا صبرهم، ويجعلنا ممن يستمع القول ويتبع أحسنه، إنه على كل شيء قدير.