آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 10:22 م

الصعود على الأكتاف سقوطًا

جمال الناصر

كان يصدر ”شخيرًا“، في نومه بعد وجبة عشاء، تناولها دسمة مساء الأمس، جعلته مثقل الجسد والذات. إن تهيئة البيئة، لتكون صحواً، هي الضمانة لإنجاز أي عمل يراد تحقيق نتائج إيجابية من خلاله، بعيدًا عن جعلها بيئة نفسية متوترة الأفق، لا تمنح العمل ديمومة التألق في مخرجاتها. لذا فإنها أولوية ملحة، ينبغي فعلاً التركيز عليها، إن أريد لما يقدم أن يكون خير ما قدم، لجنيه ثمرًا يانعًا.

ثمة ظاهرة، تقصي استمرارية التألق في العمل باختلاف مشاربه وألوانه، إن أريد له توصيفًا، فإنه الصعود على أكتاف الآخرين، على جهدهم وطموحاتهم وأحلامهم، ليأتي التطفل عنوة، كبيت العنكبوت، في إقصاء الكفاءات من خلال الرغبات النفسية، والعلاقات الشخصية، حيث المركزية، هي الإشباع والمصالح. إن هكذا توجه، ينبع من اجترار الغيرة، وحب الاستحواذ، ليظن الإنسان أنه بهذه التصرفات، يرتقي بأفقه وذاته، علواً في القمم الشماء، إلا أنه ينحدر عكسيًا. أن تعيش مع الآخر حالة تكاملية، تجده مرآة، بجانب عينيك، ليراك مرآة بجانب عينيه، ليكون الجزء من الكل والكل من الجزء، فإنها الحالة الصحية، لا الانفرادية على حساب الآخرين، وعرق جبينهم.

لا تكن متطفلاً على الآخرين، اهتم بأعمالك، ابدأ الخطوة الأولى، ثم واصل، متزودًا بشغف العلم والمعرفة، الثقافة، لتصقل مواهبك وأدواتك، متنحيًا عن التطفل على اهتمامات الآخرين وإنجازاتهم. لكل إنسان خصوصياته، لذا حين يهرول الإنسان وراء دغدغة مشاعره، ليشعر برغوة ترافقه، لينسب له ما ليس له، أو ”يحشر خشمه في ما لا يعنيه“، حينها يختم بالأصابع العشرة على إفلاسه من كل ما يفضي به إلى فسحة الإنجاز، بكونه لا يملك إلا ”الهياط“، وإن أتقن ترجمته - الهياط -. يقال: من كثر كلامه، كثر خطأه، ثقافة الكلام، والجلوس على قارعة الطريق في الخيالات والأحلام، بلا جدوى واقعية في بلورة الفكرة إلى منجز، مدعاة إلى هشاشة الإناء، الذي ديدنه أن ينضح بما فيه. وعليه فإن ثقافة أن العمل له لسان يتحدث بصدق، لأجدى من الكلمات الفضفاضة، والنعوت ”السوبرمان“، لتكن أعمالك وما تقدمه للآخرين، هي لسان حالك، فإن صمت المنجزين، صمت المبدعين، صمتهم، هو أروعها الكلمات.