موضوعية العالم بين الأصالة والتجديد
تعليق كتاب الشيخ عبد الجليل البن سعد، موضوعية العالم بين الأصالة والتجديد
قرأت كتاب استاذنا القدير الشيخ عبد الجليل البن سعد «الحوزة العلمية وسؤال التطور والتحرر» فلم يبارح يدي منذ البارحة إلى اليوم وانهيته ولمست به عدة أمور احب ان أضعها بين يدي القارئ:
- الروح الإستعابية والمتوازنة التي ألقت بظلالها في مستوى الأجابات الدقيقة الملامسة لروح نهم السؤال عند شباب اليوم.
- النظرة المتزنة والموضوعية الحوزات العلمية بحيث ذكر مناطق الخلل والسعي في بناءها مقترحات تبث فيها روح التجديد بضفتية الأصيل والحديث دون أغفال النقد الجائر وغير العادل في حق نتاج الحوزات العلمية ليقف المتابع أمام الوجاههة والواجهة على حد سواء فلا يعاند على ما وصل إليه من تجارب شخصية ولا يتراجع كلياً لما وصل إليه بل يرجع لنقطة التوازن بين البناء والهدم فيكون في موقع التماهي مع جوهر الهدفين هدف المثقف وهدف طالب العلم فيضع يده بيده لأجل البناء ولكن وفق نظم عقلانية وأكاديمية.
- سعة اطلاع الشيخ الأستاذ في مدركات ومنطلقات السائل مع منظومة معرفية من صنوف العلوم التي تحمل الذكاءات المتعددة من قبيل علم الاجتماع والنفس وما يؤثر عليها من ايدلوجيات سليمة في جوانبها الأصيلة وتصحيح في بعض مساراتها الدخيلة المتأثرة بضربات النقد والمعّيرة بالرجعية فيضع السائل أمام نقد للذات وبين ثقة النفس في الطرح الصحيح والسليم فلا يجد نفسه إلا وأصبح في دائرة التسليم.
- سيرة الاعلام في المذهب سواء الأموات منهم والأحياء وجعلهم مشاعل نور لما بذلوه من جهود جبارة في تطور الفكر البشري ومقارنته مع المفكرين الأجانب بشكل متوازن فلكل له فضل في تقدم الفكر وجعلها في سلة تلاقح جميل يدلل على أن الفكر الشيعي لا يستنكف أن يستفيد من العلوم أياً كان مشربها لبناء الفكر البشري بل وقدم أسماء من أمثال الشهيد الصدر الذي طوّر مفهوما جديداً في نظرية المعرفه وامثاله من أعلامنا الكبار كما تطرق إلى أحد اوحديات القرن الحالي الأمام السيد علي السيستاني مد الله في عمره وكيف تموضوع في حقول العلم الحوزوي المعارف العالية اليوم بشكل يلفت النظر للباحث والمحقق.
- التحرر من قيود الجفاف العلمي في العلاقات الأنسانية وترتطيب شفاه النقد بين طالب العلم المحصل والجاد وبين الشباب الواعي والمثقف بأحترام عالي في تلقي أسئلته واعطاءه مساحة من الأهتمام ليرضي فضول وغرور السؤال عنده.
- لغة العلوم الحديثة من السيميائيات والالسنيات والفلسفة وعلم الكلام وظفت من خلال ذكر أربابها في كلام الشيخ بطريقة فنية لتصبح لغة تلاقحية في أطر موضوعية مع الحفاظ على الجذور الأصيلة للقيم الإسلامية والمذهبية ومناطق تقاطع منصفه بعيدة عن التعصب والميل الغير مبرر.
- سؤال الذات في شخصية الأستاذ أخذ بعداً رفيع في التواضع ونكران الذات بلغة بعيدة عن الأنا السلبية التي تكون النفس فيها محوراً بل بلغة تحمل في طياتها من عرف نفسه فقد عرف ربه.
- ختاماً استفدت من هذه الأسئلة الغنية بالمعارف العلمية والمطالب المعرفية أنه لو هناك فارس يواكب موجات التشكيك في الساحة الإسلامية ويتصدى لمواجه الفكر المنظم والمقصود وغير المقصود من قبل بعض شبابنا حتى أصبحت ظاهرة الألحاد والربوبيين ولا ادرية وأصحاب نظرية المعرفة والعلمانية وغيرهم من التوجهات فسيكون الشيخ الأستاذ على قائمة المتصدرين وليته يفعل ذلك كما هو فعلاً متصدي لبعضها.
والحمد لله رب العالمين.