ارهاب الحوادث المرورية على الطريق
حوادث السيارات على الطرق لا زالت تحصد الأرواح كل يوم بلا رحمة، فما أن تجلس في مجلس أو في مقهى أو في أي مكان آخر إلا وتسمع بأن فلاناً من الناس توفى، وفلاناً من الناس يرقد في المستشفى، وعندما تسأل عن السبب تسمع الجواب بأنه حادث مروري.
إن أكثر الحوادث المميتة تقع بسبب الأخطاء الفادحة التي تقع في تنفيذ مشاريع الطرق الرئيسة التي تربط المدن ببعضها البعض، والتي يجب أن يكون لها مقاييس أساسية في السلامة والأمان، والمؤسسة المنفذة للمشروع يلزم عليها مراعاتها وأن يتم الإشراف عليها من قبل مهندسين وطنيين ذوي خبرة وكفاءة عالية في مسح وهندسة الطرق، وكذلك السرعة الزائدة وانشغال بعض السائقين باستخدام الجوال وعدم أخذ الحيطة والحذر من مخاطر الطريق أثناء القيادة هي عوامل مؤثرة جداً في سبب الحوادث.
في الماضي عندما تكون هناك حالة وفاة في القرية كان يعم الخوف بين الناس خصوصاً بين جيران المتوفى، علماً بأن سبب الوفاة عادة ما يكون نتيجة لعارض صحي يتعرض له الإنسان، ونتيجة لعدم وجود المراكز الصحية أو المستشفيات، وإن وجدت بعض المستشفيات تحتاج إلى وسيلة نقل والتي لم تكن موجودة وإن وجدت فهي قليلة جداً وتحتاج لدفع مبلغ وقدره قد لا يكون متوفراً عند المريض نفسه أو حتى أقاربه نتيجة للحالة المادية الضعيفة عند معظم الناس في ذلك الزمان.
إن رائحة الموت اليوم إنتشرت بين الناس في العالم العربي والإسلامي وذلك نتيجة للحروب القائمة في أكثر من بلد عربي، ونتيجة لاستخدام أشد أنواع الأسلحة فتكاً بالإنسان الذي هو الثروة الحقيقية لكل بلد، وأصبح المواطن العربي مصاب بحالة من الهلع والخوف لما يسمعه ويشاهده عبر الفضائيات من بث لحالة الدمار والخراب لأكثر من بلد عربي.
في الوطن تصاب بحالة من الخوف والهلع كل يوم عند خروجك من منزلك، لكنه ليس خوفاً نتيجة لسقوط قذيفة أو نتيجة لانفجار عبوة ناسفة هنا أو هناك كما هو الحال في بعض الدول، إنه الموت أو الإعاقة بسبب إرهاب الحوادث المرورية التي تحصد أرواحاً بريئة كل يوم!
إن 75?? من الحوادث يكون ضحاياها من الشباب، وأن حوادث السير في المملكة العام الماضي 1438 هـ بلغت 460,488 حادثاً وكان فيها 7,489 حالة وفاة و33,199 إصابة جسيمة، وذلك بمعدل حادث واحد كل دقيقة و4 إصابات كل ساعة و20 وفاة يومياً!! في حين أن 73?? من الحوادث تقع في وسط ومحيط المدن الكبرى بحسب رئيس اللجنة العليا لملتقى ومعرض السلامة المرورية الرابع.
هذا الإرتفاع المخيف لحوادث الطرق يستنزف الجهود الصحية، ويشغل الطاقة الاستيعابية للمستشفيات الحكومية، ويتسبب في أزمة الأسِرة فيها، حيث أن نسبة الأسِرة المشغولة بمصابي الحوادث مرتفعة مما يربك الحالات الطارئة الأخرى.
فإذا كان هناك منظمات دولية وأمين عام للأمم المتحدة يبذلون جهوداً لوقف الحروب الدائرة في هذا العالم، فالوطن يحتاج لي ولك ولكل من يعيش على هذه الأرض بوقف هذا الإرهاب الذي يحدث على الطريق كل يوم، وذلك بالتقيد بأنظمة المرور والحد من السرعة الزائدة وعدم استخدام الجوال أثناء القيادة والتحلي بالأخلاق على الطريق، فهل من مجيب؟
نتمنى السلامة للجميع كما نتمنى أن يكون هناك عقاباً رادعاً لكل متهور بعيداً عن المحسوبية والقبلية لكي لا ينطبق علينا المثل القائل «من أمِنَ العقوبة أساء الأدب».
"نراكم على الخير"