الشيعة وأسطوانة الأحزان
الحزن عليك هو المكتوب... عبارة كان قد كتبها نزار وتغنى بها حليم وللأسف نفذها البعض من الشيعة، بل وتم تنفيذها بكل مهارة وحرفية.
وتظهر تلك الحرفية في تأكيد ما يقوله الطرف الآخر من نقد موجه نحو معتقدات الشيعة في تأصيل ثقافة الحزن. فقد انتشر مقطع فيديو بحرفية تامة لمجموعة من الأطفال وهم يقومون بتأدية طقوس دينية يمارسها أبناء الشيعة في ليالي عاشوراء أو خلال المناسبات الدينية.
لقد اعتاد بنو البشر في كل المجتمعات على تأصيل التراث والثقافة لأطفالهم حتى يتوارثوها عبر الأجيال وهذا حق شرعي بطبيعة الحال. فهو يكسب الطفل جوانب مهمة في شخصيته تجعله ذو إرادة قوية، وإيجابي في تعامله مع مختلف الظروف. ولكن أن نلهم الطفل شعور بالذنب، وأن نغرس فيه مشاعر الاكتئاب فهذه جريمة في حق الطفولة، وهذا ما حدث في الفيديو الذي انتشر قبل أيام.
تقول الكلمات لذلك المقطع المنتشر والذي يستهدف الاطفال.. "البيبي عطشان..
ما يشرب الماي... يسوي لولو... الشمر مو زين... ما يحب الحسين "... حيث كان المنشد طفل لم يتجاوز الخمس سنوات وقد تم اضافة مؤثرات صوتية ومرئية من شأنها أن تزيد من درجة التفاعل السيكولوجي. حيث لوهلة تشعر ببراءة الطفولة من خلال طريقة لفظه لبعض الكلمات ومن خلال سلوكه الجسدي في الأداء، ومع حالة وصول المستمع سواء كان راشد ام طفل إلى نوع من الاسترخاء والانسجام يكون قد تشبع بكلمات سلبية وهي
”جوعان وعطشان ومصيبة وضرب إضافة الى الدم“ وغيرها من تلك التي ظهرت في الفيديو. وبالتالي يكون قد انتهى من المقطع محملا نفسه كمية من الهموم والحزن وفي نهاية المطاف يصل لمرحلة من الشعور بالذنب. وقد يضع نفسه في خانة المظلوم والمستضعف في الأرض بالرغم من أن الحسين بن علي في يوم عاشوراء أبى إلا أن يكون عزيزا كما هو معروف.
لا تختلف أبحاث علم النفس في دور التثبيت السلبي لمشاعر الحزن والشعور بالذنب لدى الإنسان على نمط حياته. وقد يقول قائل بأن أبناء الطائفة الشيعية لا يشعرون بذلك وأنهم متميزون. وانا شخصيا لا أنكر تميز البعض منهم وتفوقهم في مختلف المجالات بالرغم من قلتهم. إلا أنه في الوقت نفسه هناك خلل ما يخلق حالة من الاغتراب والعزلة كذلك النفور من بعض المجتمعات، كأن يشعر بعدم تقبل الطرف له أو فقدانه لهويته الوطنية.
والسؤال ما الضير لو استبدل الكاتب تلك الكلمات العنيفة بكلمات إيجابية قادرة تأصيل الفرح والقوة عوضا عن الحزن والضعف أو الورد عوضا عن الدم وبث روح القوة والصبر؟!.