المجتمع المستنسخ
المجتمعات العاطفية والتي تسيرها العاطفة تعتقد أن ماتؤمن به حتى لو كان متوارثا وملقنا وسائدا هو الحقيقة التي لا جدال فيها ولا مجال للتفكير مقابلها بل وتعتقد ان فهمها هو عين العقل.
كما تمتاز تلك المجتمعات بانها مستنسخة فكريا فالكل أو الاغلبية يؤمنون بنفس الفكرة ولو طرحت أسئلة استيضاحية تقلبها لأدانوك وهاجموك واتهموك بأبشع التهم في نيتك واهدافك حتى لو كانت مجرد أسئلة استفهامية وليست تشكيكية.
وكي تسلم من الاذى لابد من مجاراتهم والتظاهر بالايمان بنفس المفاهيم أو السكوت.
ويميز تلك المجتمعات الحديث عن المشكلة دون الحل وكذلك تحميل المسؤولية دائما للآخرين كمجتمعات اخرى أو طوائف أخرى أو جهات رسمية دون أن يحملوا أنفسهم أدنى مسؤولية أو يراجعوا نمط حياتهم وسلوكياتهم التي اعتادوا عليها حتى أصبحت مقدسة.
وتتصف تلك المجتمعات أيضا بان افرادها مختصون بكل الشؤون حتى لو لم يتابعوا تفاصيل القضايا أو تابعوها ولكن لم يحللوها أو حللوها لكن بغير تجرد فهم محللون سياسيون واقتصاديون واجتماعيون ومفتون دينيون.
تتمنى اذا حضرت أو وجدت ضمن مجموعة أن تستمع حديثا موضوعيا مبنيا على تفكير علمي دون افكار مسبقة وانطباعات معروفة سلفا والمشكلة حتى من يحضرون لدى شخصيات مثقفة واعية وبعضهم لزمن طويل تجدهم لا يختلفون عمن لا يحضر أو يحضر لدى شخصيات تقليدية بل حتى من يعتبرون أنفسهم متحررين من القيود المحيطة بهم تجدهم لا يختلفون كثيرا عمن يزعمون أنهم يختلفون عنهم الا في بعض التفاصيل البسيطة كأن يدعوا للتحرر الديني لكنهم متعصبون لمذاهبهم ومناطقهم وما يرتبط بهويتهم.
سرد الشيخ محمد الصفار ذات مرة قصة حدثت له أثناء تواجده في استراليا مع مجموعة من السعوديين الموجودين هناك وقد اجتمعوا في مطعم بيتزا للعشاء وقد طلب هو بيتزا خضار بينما أحدهم نصحه بطلب بيتزا بالمأكولات البحرية اعتقادا منه أنها سمك وهو حلال لكن الشيخ دعا النادل ليريه طبيعة المأكولات البحرية المستخدمة في الاعداد واذا هي مأكولات أخرى غير السمك مما جعل الشخص يستفرغ نتيجة تأثره بايمانه المسبق عنها!