تأملت...
رميتُ بطرفيْ أناظرُ تلكَ القبور
أرى عالَماً خافياً في ثنايا السطور
فأُغمضُ عيني لأرجعَ بالذكريات
وأمشي على عكسِ ما تشتهيه الدهور
لقد سَكر الموتُ في أجسادهم كما
لعبت ريح السمومِ بيانعاتِ الزهور
فكم رشفوا من خمرةِ الحبِّ كاساتِها
وظنوا الليالي تباشير يوم السرور
فظلوا الطريقَ بلا عودةٍ بيننا كما
ظلت سواقي المياهُ طريقَ البحور
هذي حكايتهم كمن يهشم الزرع
طراً لكي يُخرج منه جديدَ البذور
فيُحيي الحياةَ بكأسِ الموتِ طوراً
وطوراً يُميتُ الحياةَ بكأسِ الدثور
حنانيكَ ربي فلستُ سوى سجينْ
يُطيحُ بروحي ثِقلُ ذاكَ الشعور
أسيرُ وأشرعةُ الحياةِ تشقُ البحار
متى جاءها الريحُ تنشرحُ الصدور
وإن أبطأ الريحُ عنها انزوتْ بعيداً
نعمْ هكذا في كل حالٍ تسير الأمور!
هو العمرُ قد أنهكت صروفُ الليالي
قواهُ كما أُنهكت راسياتِ الصخور
أصارعُ نفسي بأن تنزع اللؤمَ يوماً
وتُسقط عن كاهلي ثقلَ تلك الشرور
وأنىّ لها أن ترعوى عن سدورها
فلِمْ ولم تعرفِ الشمسُ غير الظهور