قيادة المرأة باتت قريبة ”وحالة ترقب بين خوف وسعادة“
تعيش المرأة في بلادنا هذه الأيام حالة من الترقب بعد أن أصدر خادم الحرمين الشريفين قرار السماح لها بالقيادة وذلك كما أعلن في 26 من سبتمبر هذا العام وقد شمل القرار على توجيه لإدارة المرور بأن تصدر الرخص في شهر شوال القادم بإذن الله لكي تصبح القيادة رسمية وتنطلق المركبات النسائية بين بقية المركبات في الشوارع العامة.
هذا الترقب من جهة المرأة والذي انحصر بين ”السعادة والخوف“ معاً خلق الكثير من التساؤلات لديهن ولدى أفراد الأسرة بشكل عام بما في ذلك أولياء الأمور والذين لم يعتادوا مثل هذه الحالة في سنواتهم السابقة وكانوا هم فقط المسؤولين عن نقل النساء من مكان الى آخر بمركباتهم الأمر الذي سيتغير بعد أشهر قريبة وسيرون كيف أن هذه المسؤولية قد سحبت من تحت أقدامهم وقدمت الى نساؤهم وهكذا هي الأيام لا تبقى حال وقد تأخر القرار كثيرا إلا أنه قد أصدر وانتهى الأمر وواقعا لابد أن تعيشه كل الناس،
ومن هذه التساؤلات التي لربما تثير فعلا بعض المخاوف لدى أفراد الأسرة وولي الأمر بل ولدى المرأة نفسها هي كيف ستكون رد فعل الناس والمجتمع عندما يرون بالفعل أول مركبة تقودها امرأة وبشكل رسمي فالرؤية تختلف عن مجرد التخيل والواقع أكبر من الأحلام.
ثم كيف ستتجاوز النساء سرعة الشباب الجنونية التي يقودون بها في شوارعنا وتجاوزاتهم لأنظمة المرور والتي كلنا نعرف أنهم كذلك بواقع ما نراه يومياً أمام أعيننا، ثم كيف ستصبر المرأة وهي المعروفة على الانضباطية على هذا الاستهتار وكيف ستكون رد فعلها داخل الشوارع؟
كل هذه التساؤلات وربما أكثر قد حضرت في أذهان الكثيرين وقد خرجت الكثير من الصور الفكاهية التي تعبر عن هذه المخاوف حقيقة وآخرها ما تناقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي على لسان المرأة قبل القيادة“أريد أن أسوق ولكن بدون أرصفة ولا دوارات ولا سيارات”مثل هذه الجمل وغيرها وسع دائرة الخوف لدى العامة وشكك في قدرات النساء على تجاوز هذه التحديات مما دعى ”بالداخلية“ لإصدار عقوبة لمن يسخر من القرار ويقلل من شأن تمكن المرأة السعودية من القيادة.
إن سعادة المرأة بشأن القرار لا لأجل فقط المساواة بمثيلاتها في بقية الشعوب والدول بل لما عاشته المرأة في حياتها من ضغوط عدم قضاء الحاجة بالسرعة التي تريدها فأبسط خروج لها من المنزل كان معقداً حين لا يستطيع الأب أو الزوج أو الأخ لظرف معين أن يسير بها الى الوجهة التي تريد فكانت تعاني من هذا الأمر حتى أنها فكرت في الكثير من البدائل والحلول كسيارات الأجرة والسائق الأجنبي والباصات العامة والقليلة المنتشرة في البلاد وكلها لم تكن مستحسنة كثيرا ومتقبلة في المجتمع إلا أنها كانت الحل الوحيد في ظل انشغال ولي الأمر عن ذلك ولم يخلو الأمر من المشاكل الاجتماعية والآراء الفقهية وغيرها مما ضيق دائرة الخناق على المرأة فكان قرار السماح بالقيادة قرار فيه الفرج الكبير والسعادة المرتقبة.
والى أن يحين ذلك اليوم الذي تنطلق فيه المركبات النسائية في شوارع المدينة ننتظر معاً التحول الاجتماعي الراقي والتفهم المهذب لهكذا قرارات بل وننتظر تغير موروث وتقليد إجتماعي قديم ومتأصل الى الأفضل نمسح به كل الخوف المترقب وتبقى فقط هالة السعادة تشع كثيراً حتى تندمج مع الحياة وتشع أملاً متجدداً جميلاً.