آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

خطايا البارحة

المهندس هلال حسن الوحيد *

أسافرُ في النومِ أكثرَ من الواقعِ وأرى أحداثاً وأشخاصاً أكثر من الحقيقة. لا تخلو أي دقيقةٍ أغفو فيها من حلمٍ حتى لم يعد هناك برزخٌ بين الحلمِ والحقيقة فما يحدث من بعض الأشياءِ أظن أنني رأيته في المنام، والكثير يضيع في قمامةِ الذكريات بعد اليقظة. ما رأيتُ البارحةَ كان عصياً على النسيان!

كنت جائعاً في سفر، اشتريت أكلاً وبدأت آكلُ فيه. أنا واقفٌ بانتظارِ شيءٍ ما، أو شخصٍ ما، إمرأةٌ على يميني كأنها تخفرُ ذلك المكان. لم نتحادث، تبادلنا النظرَ وكلٌّ مشغولٌ بما في نفسه.  ثوانٍ قليلة ثم انطفأ الكهرباء. استغربتُ أن الكهرباءَ لا تزال تنقطع في بعضِ الاماكنِ في العالم ونحن في عام 2017م. تحادثتُ مع المرأةِ قليلاً عن انزعاجي ولكن كنت آكلُ ولم أتوقف. جاءت العتمةُ الكبرى وانطفأت الكهرباءُ الاحتياطية. واصلتُ الاكل.

مرت دقيقةٌ ونحنُ في ظلامٍ دامس والمرأةُ واقفةٌ مكانها وأنا آكل بانتظار ما يحدث أو من يخرج. لم أنهي ما بيدي من الأكل وأحببت أن أرميهُ مع المخلفات. يا لدهشتي، لم يذهب مع المخلفات ولكن راح يمشي على الأرض تدبُّ فيه الحياة. ويلي ما هذا؟ نظرتُ إليه وأنا ملتصقٌ بالحائط ولساني منعقدٌ فإذا هو حيوانٌ من السنوريات! لم يستطع الجريَ أو الهربَ بسرعة ويبدو أنني قضمتُ عجزهُ وفخذيه ولكن كان باستطاعته المشي. رجوته أو تمنيت أن يقف فلم يفعل…

انتهى الحلمُ الغريبُ الذي بقيَ حاضراً في عيني كأنه الآن. في العادةِ لا أحاول العثور على تفسيرٍ لما أرى في المنام فأعزيها للحالة النفسية والصحية التي صاحبت الرؤيا. يذكر ابن سيرين تفاسيرَ مختلفة لمن رأى حيواناً أو أكل لحماً في النوم ولم يذكر السنور كأحد هذه الحيوانات وبعض تفسيره يرى أنها مرض الرائي. ربما كانت تعني المرض، لكن هذه المرة أعتقد أنها خطاياي التي ارتكبها مشت على الأرضِ وصارت جسماً وروحاً وشيئاً عافته نفسي ولكن أصررتُ على المشيِ في أوديته في ضوءِ الشموع حتى تمردت الخطايا عليَّ وباحت بسرائرها لي…

أصلي لكي يزورني عجلٌ سمينٌ  حنيذٌ هذه الليلةَ يأكل منه الناس ويكونَ بشارةً كبيرةً وسريعةً بالرزقِ والخصبِ والنجاةِ من الخوف.

مستشار أعلى هندسة بترول