”مع الخيل يا شقرا“
شكرا لقيامك بدورك في حماية البيئة، العبارة السابقة كُتبت على جهاز تجفيف اليدين في دورة مياه عامة، ليراها كل من يستخدم هذا الجهاز بدلاً من المناديل الورقية، قد يستهين البعض بأثر استخدام هذا الجهاز بدلاً من المناديل، وخصوصا أنه فرد واحد، فيقول في نفسه أن توقفه عن استخدام المناديل الورقية، لن يكون له أثر يُذكر على البيئة، في ظل استمرارية استخدام أغلب الناس لها.
في الواقع، عبارة الشكر المذكورة دقيقة ومهمة، حيث الشكر مُوجه للفرد، لقيامه بدوره كفرد ضمن مجتمع، وهو بالفعل أمر بسيط إذا قام به أشخاص معدودين، وإذا كانت الأجهزة متوفرة في دورات مياه عمومية معدودة، لكن انتشارها، وازدياد أعداد الناس المستخدمين لها، سيساهم في تخفيض استهلاك الطاقة والحفاظ على البيئة وإن كان بشكل غير ملحوظ لنا.
هذا حالنا في مختلف جوانب الحياة، قد نستصغر بعض الأعمال الفردية الإيجابية التي نقوم بها، ظناً منا بأنها لن تخلق أي تغيير يُذكر وسط هذا العالم الكبير، أو نتجنب ممارسة بعض السلوكيات مع اعتقادنا بصوابها لأن الغالبية ترى غير بذلك، ونكتم بعض الأفكار والآراء لأن غيرنا لا يؤمن بها.
قد نهمل قوانين المرور وأدبيات القيادة، لأننا نرى فوضى في الطرقات، والتزامنا لن يغير شيئاً، ”فنزيد الطين بلّه“!
قد نرى الحديقة العامة غير مهيّأة جيداً، ومستوى نظافتها متدني، فنُهمل نحن أيضاً النظافة حين استخدامنا لمرافقها، بحجة أنها أصلاً غير نظيفة ومرتبة، فلماذا نهتم!
لو تحمّل - ليس كل فرد - بل كثير من الأفراد المسؤولية الفردية الواقعة على عاتقهم، وانتشر هذا السلوك الفردي أو ذاك، وتراكمت المبادرات، فسيصبح ذلك سلوكا شعبياً عاماً مع الزمن، وستبرُز آثار مبادراتي ومبادراتك الفردية، ولو لم يتحقق ذلك، فأظن أن التزامنا الشخصي بعمل ما نراه صائباً، سيكون له أثر إيجابي على ذواتنا وضمائرنا، بدل أن نكون مع ”الخيل يا شقرا“.