رسائل الشيخ الصفار في ليلة العاشر
يعتبر موسم عاشوراء من شهر محرم الحرام فرصة لأي خطيب أو مصلح ديني أن يقدم الرسالة التي يرغب بإيصالها للمجتمع، خاصة في الأيام العشرة الأولى، حيث اقبال الناس على المجالس الحسينية كبير نسبيا مقارنة في الأيام الأخرى، واعتقد أن هذه الأيام وما تمثله من رمزية لدى المجتمعات الشيعية غير غائبة عن سماحة الشيخ حسن الصفار حفظه الله في الاستفادة منها في تقديم رسالته التي يسعى لأن يوصلها لأبناء المجتمع، وهنا في هذه المقالة سوف نشير إلى أبرز ما أشار إليه الشيخ الصفار من رسائل ثلاث في ليلة العاشر.
مسألة الوطن وأمنه واستقراره من المسائل الحساسة جدا خاصة لما تمر به بلدنا من تحديات، حيث لا أحد منا يقبل المساومة على أمن وطننا ولا نقبل المزايدة في مدى الحب الذي يكنه أبناء المجتمع لهذا الوطن العزيز علينا جميعا، وأي استخدام للعنف وما يهدد سلمه الاجتماعي هو خط أحمر مرفوض رفضا قاطعا من كل أبناء هذا الوطن من دون استثناء، حيث كل مكونات المجتمع السعودي تقف سدا منيعا أمام أي خطر يواجه بلدنا المملكة العربية السعودية حرسها الله، حيث قال الشيخ الصفار: ”لن نساوم على أمن وطننا ولا نقبل المزايدة في ذلك وننصح شبابنا بأن يحافظوا على سمعة مجتمعهم الذي طالما كان مثالا للسلم“. نعم لاشيء يعادل الأمن والاستقرار في الأوطان، حيث ما نراه في الدول المجاورة لنا ليس خاف على أحد حفظ الله وطننا من كل سوء.
العنف لا يجر إلا العنف كما يقال، ومع الأسف الشديد يقف الفرد حائرا أمام ما يشاهده من ميل بعض أبناء الأمة الإسلامية إلى اتجاهات عنفية ارهابية، وما تسببه من آثار مدمرة على المجتمعات سواء الإسلامية أو غيرها، حيث لم يوفر العنف شيئا لم تطاله يد التخريب والارهاب، كل هذا وبكل ألم باسم الدين القويم، هكذا نريد ايصال رسالة الدين إلى العالم؟ بطبيعة الحال الدين ليس كما يدعي هؤلاء، حيث الأديان جاءت من أجل تحرير الانسان من العبودية ومن أجل تعزيز القيم الانسانية قيم العدل والحرية والتسامح وحفظ الأنفس، لا أعلم كيف يفكر أصحاب التوجهات الارهابية التي تسعى في الأرض فسادا ودمارا، وليس كما تدعي في أنها من أجل نشر الدين وهداية البشرية، حيث من يريد هداية الناس لا ينكل بهم ويسفك دمائهم، هداية الناس تأتي بالتي هي أحسن وبالكلمة الطيبة، حيث قال الشيخ الصفار: ”أوصي الشباب لئلا يقعوا في متاهات العنف التي لن تجر إلا الوبال كما رأينا في ما حصل في منطقتنا في الأشهر الماضية“
وطننا كأي وطن آخر متنوع مذهبيا وثقافيا، هذا من طبيعة الحياة حيث لا تخلوا من تنوع واختلاف هكذا هي سنة الله في هذا الكون الذي يعتبر هذا الاختلاف وهذا التنوع مصدر من مصادر الجمال فيه، حيث لا يمكننا أن نجعل كل البشر على توجه واحد وفكر واحد هذا من المستحيلات في هذا العالم، لذلك قبول التنوع واحترام الاختلاف وإدارته هو الذي يظمن لنا أن نحقق السلم الاجتماعي ونعزز قيم التعايش بين الناس، لا خيار للأمة إلا التعايش والتواصل مع بعضنا البعض، حيث جربت الأمة القطيعة والانقسام والتشتت ماذا أنتجت لنا غير الخراب والدمار والعنف والأرهاب هل هذا ما نريده في هذه الحياة؟ بطبيعة الحال لا؛ الناس ترغب في أن يتحقق السلم والسلام بعيدا عن مآلات القطيعة التي لا يأتي منها إلا خسارة الأرواح ودمار الأوطان.
في الختام نسأل الله أن يوفق سماحة الشيخ حسن الصفار لما فيه خير وصلاح لهذه الأمة، ويجعله الله مناراة في نشر الوعي والعقلانية والتسامح وكل ما هو نافع يجنب هذه الأمة الأزمات والشرور.