آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 4:07 م

«التحوّل الوطني» يسمح للمرأة بقيادة السيارة!

محمد سعيد الدبيسي

* اليوم يأتي القرار السامي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة بعد أن تعثر هذا الملف المطلبي لعقود مضت وقد كان مزويا على أرفف مجلس الشورى! حاله كحال بعض الملفات التي تنتظر الدراسة والظروف.

* أتصور إذا خرجت المرأة في بلادنا من عنق الزجاجة تدريجياً - إسوة بنساء دول الأقليم - خرجنا معها تباعاً نحو غدٍ أفضل..

* أراها فرصة إثارة موضوع الحجاب، وأدري أن موضوع الحجاب حساساً إن لزم كشف وجه المرأة - لكننا نحتاج إلى شئ من الجراة ونعترف أن هذا الحجاب التقليدي يلعب دوراً سلبيا في حجب المرأة عن العالم الخارجي وتعقيداته بل يبقيها على أمية حضارية وإن تحررت بالعلم من الأمية الأبجدية وارتقت في مدارج التخصص لكنها كمحصلة واقعية تبدو مصابة بأمية حضارية.

* للحضارة العملية أدوات حياتية لا يمكن أن تفهمها المرأة طالما هي معزولة عن الحياة العامة بدعوى الستر والريبة.

إذ لا يكفي أن تكون «سائقة» سيارة!.. مجتمعنا يفقد الكثير من حيويته ويتلكأ في فاعليته بسبب العزل الإجتماعي وحساسية إشراك المرأة في قضاياه وإن شاركت فمشاركتها تكون على إستحياء ومن وراء حجاب وليس بخافٍ أن لحجابها الموروث.. الحاجب لكامل الوجه، تأثيراً مباشراً في عزلها عن الحياة وضعف شخصيتها وانتهاك حقوقها والإتكالية المفرطة على الرجل في تدبير الأمور.

* نراهن على تقادم الأيام حتى يألف المجتمع الرجالي تدريجيا رؤية النساء بالحجاب الكاشف كفكرة ضرورية لابد منها ليبقى مجتمعنا النسائي إنسيابيا خاليا من التعقيد والتزمت والإرباك.. شريطة أن تتخلى النساء عن البواعث المحرضة لإثارة الغريزة وتلتزم بملابس فضفاضة تراعي فيها أصول الحشمة.

* ما لم يتعود المرء على رؤية وجه المرأة والتعامل معها على أساس أعتيادي محدود.. ستبقى المرأة دوما مُعطلة ومربكة ومرتبكة.. إذ لا سبيل للتقدم والإصلاح وتسهيل الحياة إلا بكشف الوجه «بالحجاب الكاشف الإسلامي الذي هو عبارة عن خمار وجلباب فضفاض يراعى فيه الحشمة» نعم هناك صعوبة والمجتمع يتعود ويتجاوز شيئا فشيئا، ونحن إذ نتطلع إلى ذلك أسوة بالمجتمعات الأخرى التي أعطت للمرأة هامشاً واسعاً من الثقة من خلال المشاركات في أوجه الحياة الفاعلة الحيوية، منها السياسية والإجتماعية.. نقول ذلك لكننا في الوقت ذاته لا نؤيد الظاهرة المقيتة التي تنهجها اليوم بعض النساء في اللباس اللافت والعبي المرصوصة وما إلى ذلك من دواعي الإثارة.

* نؤكد مرة أخرى.. ستبقى القوانين العرفية تتكرس وتصبح دريعة وسبباً رئيسياً لتجهيل المرأة في كيفية التعامل مع الحياة والأنشطة العامة.. لكن يبقى هناك أمل في ترسية القوانين بنظرة شمولية، تلك التي تخدم الوطن بمجتمعه الواسع وتراعي عدم الخروج عن الأطر الشرعية.

* السياقة إن شاء الله ماهي إلا مفتاح لذلك الهذف المنشود المطلوب حصوله.

التطرف الديني والتشدد العرفي ظاهرة سلبية معطلة للحياة الطبيعية ومولدة لمناخات الريبة والحواجز النفسية.. طبيعي عندما ينعدم الأختلاط المتزن.. عندما تُغل المرأة بالحجاب التقليدي الموروث ولاتستطيع أن تدافع عن نفسها وتنعدم ثقتها بنفسها لتضيع حقوقها وتبلع الظلم هي وعائلتها لموقف ما في حال التحرش مثلاً أو نحو ذلك.. خشية من أن يفهمها المجتمع «الذكوري» بشكل مقلوب.

خلاصة القول: إن أستمر مجتمعنا بهذا الحجاب التقليدي الموروث، وبقي متزمتاً، يخالف المجتمعات الإسلامية الأخرى، فلن نتوقع منهن يوما أن يسجلن بصمات إبداعية في طريق صناعة المستقبل المنشود.. وإن حصلن على رخصة قيادة السيارة ومارسن القيادة وإن بلغن شأواً عالياً في مدارج الدراسة، فلن تنطلق مسيرة مستقبلنا نحو الرقي إلاّ عرجاء باهتة.

التزمت والهوس المبالغ فيه بدافع ”سد الدرائع“ هو الذي حوّل المرأة في مجتمعنا لمادة للشهوة والريبة والعيب وحوّل علاقة الرجل بالمرأة في الميادين العامة لعلاقة غريزة ليس إلا!