قيادة المرأة معطيات ومؤشرات
في قرار تاريخي سيغير ملامح المرحلة القادمة، ويضع موازين وقوانين جديدة على معادلات الحياة الإجتماعية للمملكة العربية السعودية، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان أمره السامي بتمكين المرأة من قيادة السيارة كحق من حقوقها وضرورة اجتماعية باتت مطلب مهم وحاجة ملحة لتواكب التغيرات الأخيرة التي طرأت على حياتنا الإجتماعية.
وعلى ضوء هذا القرار هناك معطيات جعلت منه مصدر فرح واستبشار فور استقبال الخبر وهناك مؤشرات على المدى البعيد ترسم أثر هذا القرار على الحياة العامة في المملكة بشكل عام وداخل الأسرة بشكل خاص.
من أهم المعطيات التي لوحت بحاجة المجتمع لهذا القرار فضلا عن نجاحه وإزاحة هاجس الخوف والرهبة الاجتماعية من الإقدام على هكذا قرار هو التغييرات والتطورات التي طالت المرأة مؤخرا، فقد تحررت المرأة من جل القيود التي طوقت عنقها فضلا عن معصمها في الحقبة الماضية، إضافة إلى دخول المرأة سوق العمل من أوسع أبوابه، هذه المعطيات غيرت الصورة النمطية عن المرأة فقد استطاعت المرأة تحقيق انجازاتها التي سجلت باسمها في مجالات عدة منها الرياضية والعلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وإدارة الأعمال والكثير الكثير مما أسهمت في تكريس صورة معززة لذاتها وطمس الصورة النمطية السابقة.
ولكن إن قلنا بحاجة المجتمع لهكذا قرار، فما هي الآثار المترتبة على قيادة المرأة للسيارة؟
لا شك إن قرار كقرار السماح للمرأة بالقيادة هو قرار يصب في مصلحة المجتمع بالدرجة الأولى وسيتجاوب معه المجتمع بكل أريحية وهذا انطباع مستوحى من ردة فعل الشارع بالأمس حين تم الإعلان عن الأمر الملكي.
فالمرأة التي اقتحمت مجالات شتى في ساحة العمل لا تزال تعاني من مسألة التنقلات لمقر عملها، وهذا القرار يتناسب مع ما وصلت له المرأة في عصرنا هذا.
ومن أهم التغييرات التي ستواكب قيادة المرأة للسيارة هو ما ستوفره الأسرة ماديا من خلال الاستغناء عن السائق الأجنبي الذي يقتطع من دخل الأسرة الشيء الكثير من أجل أن يقلهم بالسيارة من المدرسة إلى السوق إلى نزهة هنا أو هناك، هذا العبء غير الضروري يمكن أن توفره الأسرة بقيادة المرأة للسيارة.
كما أن الأمن الاجتماعي للطفل والمرأة في تنقلها سيزداد دون أن يكونا عرضة لتحرش الأجنبي في بعض الأحيان واستغلال ضعفهما وخلوته بهما.
أيضا سيمثل هذا القرار مصدر رزق لكثير من النساء اللواتي سيتمكن من العمل في نقل الطالبات والنساء والأطفال بأجرة، إضافة إلى أن المرأة التي لاتقود سيكون بمقدورها الاعتماد في تنقلها على المرأة نفسها بعيدا عن الرجال.
وليس ببعيد أن يستفيد الرجل أيضا من قيادة المرأة للسيارة، فالكثير من الأعمال الخفيفة التي كانت تزاحم الرجل في يومياته سيستطيع أن يتخلص منها وإيكالها للمرأة لتقوم هي بها.
ونحن في ترقب كيف سيكون المجتمع مع التطبيق الفعلي لقيادة المرأة للسيارة، سيكون على المجتمع اختبار حقيقي في تقديم نفسه كمجتمع حضاري مدني يتعامل مع التغييرات الطارئة في حياته العامة بكثير من الواقعية والجدية، مناقضا أي صورة سلبية عن المجتمع إلى صورة مشرقة مشرفة تواكب ما وصلت إليه بلادنا من تقدم ورقي.