الأقليات وحقوقها
لا يوجد تعريف متفق عليه حول كلمة الأقليات، إلا انه يمكن القول، إنها مجموعات يجمع بينها خصائص دينية أو عرقية أو لغوية أو غيرها، وتوجد الأقليات في مختلف بلدان العالم، ففي كل بلد تقريبا هناك أقلية أو أكثر، ومن جانب آخر فان هضم حقوق الأقليات حالة موجودة في مختلف دول العالم وليست مقصورة على بلد دون آخر، فالتهميش والإقصاء والتجاوز على الأقليات، وكذلك السعي للمطالبة بحقوقهم، حالة منتشرة في بلدان العالم منذ عشرات السنين، والى الآن، لذا يشير دليل الموارد الخاص ببرنامج الأمم المتحدة، للشؤون الإنمائية، أن بدء الاعتراف بحقوق الأقليات وحمايتها، بموجب القانون الدولي كان مع عصبة الأمم، من خلال اعتماد عدة معاهدات، وعندما أنشئت الأمم المتحدة في عام 1945م لتحل محل عصبة الأمم قامت هي الأخرى تدريجيا، بوضع عدد من القواعد
والإجراءات والآليات المتعلقة بالأقليات، إلا أن هذه الأنظمة والقوانين لم تأخذ طريقها للتطبيق في العديد من بلدان العالم حتى الآن، حيث تشير السيدة «مرفت رشيماوي» المستشارة السابقة في منظمة العفو الدولية، إلى أن غالبية البلدان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تفتقر إلى القوانين والسياسات الملائمة في هذا المجال، وغالبا ما تتعرض
هذه الأقليات إلى قيود وانتهاكات لحقوقها، وتضيف إلى انه يجب وضع ضمانات لحقوق الأقليات، تضمن أن تتمتع بحقوق الإنسان، على غرار أعضاء المجتمع الآخرين، وتشارك في صنع القرارات، التي تؤثر فيها وتحميها من الأذى والتمييز.
وبالرغم من الأثر السلبي، الناتج عن تهميش تلك الأقليات، على المجتمعات وعلى استقرارها، إلا أن هذه الحالة لا زالت ماثلة حتى الآن، ويشير في هذا الصدد خبير بالأمم المتحدة «مستقل» معني بقضايا الأقليات، أن على الدول أن تأخذ على عاتقها أربع أمور، من اجل احترام حقوق الأقليات وضمانها، ولعل أبرزها ضمان فعالية عدم التمييز، ووضع حد للتمييز المنهجي والهيكلي، فالتمييز الاعتيادي أو الشعبي يمكن التعامل معه، أما
عندما يكون ممنهجا وفي هيكلية دولة ما، فهنا تكمن الخطورة، والأمر الثاني تأكيده على ضمان المشاركة الفعالة للأقليات بالذات في القضايا التي تؤثر عليهم، فالمشاركة الشكلية والهامشية لا طائل منها، والجدير بالذكر أن استفادة إي دولة من تنوع المكونات الثقافية هو مصدر قوة لا يُستهان به، فكل دولة في حاجة إلى كافة أفراد شعبها، لتعزيز مكانتها وقوتها بين الأمم، علاوة على الزخم الثقافي الذي يقدمه هذا التنوع للمجتمع الذي يعيش فيه، من هنا كان من الضروري سعي مختلف الدول، إلى ضم مختلف الأقليات إلى نسيجها الوطني والاستفادة منها إلى أقصى حد.
وبالرغم من قيام غالبية الدول بإتاحة التمثيل النسبي للأقليات في برلماناتها، إلا أن العرف الديمقراطي أيضا - في بعض الدول - أتاح حتى للأقليات التي لا تستطيع التواجد بالبرلمان، لقلة عددها، أتاح لها التواجد بعدد من الأشخاص لتمثيل فئتهم، ضمن ما يسمى «الكوتا»، رغبة في دمج تلك الأقلية، رغم قلة عددها في كيان الدولة ومؤسساتها.
خلاصة القول إن تطبيق الأنظمة والقوانين في مختلف الدول في ما يختص بالأقليات، من أجل احترامها وحماية حقوقها وكبح أي تعدي تجاهها، أمر ضروري ومهم، ويساهم في تقوية كيان أي دولة بشكل مباشر وكذلك بشكل غير مباشر عبر تعزيز الوحدة الوطنية لتلك الدولة.