آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 10:22 م

الفن حين يكون إنسانًا

جمال الناصر

ذات لحظة، كان يفترش مشفاه ناحية شرفة الوجع والأمنيات، الداء أنهك جسده في ذات اللحظة، بينما فكره وروحه، تطلعاته لم يخبو نميرها فنًا دراميًا، تفاصيله خيوط ألوانه، تهدهد الحكايا عن رجل، كقطعة السكر، لازالت تذوب الإنسانية فيه، حين حياته وبعد وفاته. ثمة فن وفي الضفة الأخرى ثمة فن آخر، حيث العشب، يحتضن الأجواء رائحة زكية، أبصرناه فنًا، كارتشاف الماء، شغفنا به، احتوانا، لنحتويه. الفنان الراحل عبد الحسين عبد الرضا، كان مصداقًا حقيقيًا، يؤكد أن الفن حالة إنسانية، لذا في حياته وأعماله الفنية، وجدناه عبر كل المرايا، بأنه الفن الأصيل والفنان الإنسان. لم يكن يقتات على الجراحات وسفاسف الفكر وترهات الثقافة، بلسمًا كان يهديها البسمة على الشفاه، ليطبطب جراحها، يستاف من ربيع النخيلات والقهوة العربية، إكرام الضيف لغة فكره، أسلوبه الدرامي، حاملاً على عاتقه كل هموم المجتمع، يناقشها وعيًا مسرحيًا، وعمقًا دراميًا، باحثًا عن الأصالة.

إن الفن إذا ما كان ترفًا - ملهاة - بألوانه المختلفة لا يعدو كونه رمادًا، تذروه الرياح، وإذا ما كان يدخل أعماق الناس من أوسع الأبواب، ليكن رفيقهم في سعدهم وأحزانهم، في نضجهم الفكري والثقافي، في همهم المجتمعي، فإنه سيكون منهجًا دراسيًا، تستفيد منه الأجيال اللاحقة. هكذا الفنان الإنسان - عبد الحسين عبد الرضا -، لقد وجه ناظريه وقلبه للحب، فأحبه الناس، اعتصر قلبه ألمًا، ليرسم الابتسامة على محياهم، فذرفوا الدموع على فقده. إنه لجدير برواد الفن، أن يجعلوا من سني عمره، التي قضاها في المجال الفني، ولكل ما قدمه، طريقًا زواياه، يتقنها أهل الفن، سعيًا في أن لا يضيع هذا الإرث الفني الدرامي والمسرحي والإذاعي، في الاستغراق بعرض أعماله - وإن كان ذلك حسنًا وتكريمًا -، لكنه ينبغي أن يدرسوا رواد الفن من الجيل الشاب أبجديات مدرسته الفنية. إن الفنان الإنسان عبد الحسين عبد الرضا مدرسة فنية، اعملوا التفكير جيدًا، كيف تستفيدون منها في قادم الأيام، هناك شخصيات، تكون بمثابة منهج، يحتاج لمن يقرأه ويستوعبه فهمًا، لينجز.