أبا عدنان.. رسول سلام
إلى كم «حسينو» نحتاج كي نعي جيدا ونفهم الدرس جيدا وتلمس قلوبنا وعقولنا حقيقة واحدة لا تقبل القسمة على اثنين..
كم نحتاج من الفقد لمعاني الإنسانية النبيلة كي تلتحم لحمتنا وتتآلف فرقتنا..
ونتحد ما استطعنا ضد من يعمل دائبا كي يفرق شملنا لطرائق قددا..
إن ما حصل برحيل الفنان عبد الحسين عبد الرضا، كان أروع درس، وأعظم رسالة وجهت للإنسان العربي عامة والخليجي خاصة..
لقد سقط القناع وانتصر الحب على الكره، وظهر جوهر الإنسان الحر.
نعم هو الإنسان الحر الذي نحتاجه في كل الأزمنة ونحتاجه جدا في هذا الزمن الذي اختلطت فيه المفاهيم، وضاعت فيه القيم التي يقاس بها العدل، وطمس فيها الحق بعد أن انتشرت أعلام الضلال.
صرخة رجل واحد بنفس واحد انطلقت برفض مدوي ضد مدعي العلم والبصيرة، هؤلاء الإستغلاليون حتى لحرمة الموت والميت، في تنفيذ مخططاتهم البغيضة عبر نفث سمومهم في جسد الأمة الإسلامية.
نداء حق ارتفع صوته في كل المآذن معلنا وقت إتحاد الكلمة والموقف والرأي.
صرخة مبهجة دوت عبر وسائل التواصل الإجتماعي، أسعدت قلوب المسلمين بجميع طوائفهم، أولسنا إخوان في دين واحد!؟
كل هذا يحدث بعد سويعات قليلة من رحيلك أيها العظيم بتاريخك ومسيرتك وإنسانيتك الفذة التي لم تقدم للناس إلا الفن الهادف بطريقة ودودة وحضارية ترجمت أوجاعهم وشكواهم بكل رقي وشفافية حتى أجبرت الجميع أن يسكنوك قلوبهم بكل حب ورضا، ويسلمونك عقولهم وهم آمنين على أنفسهم من فتنة الوقوع في الشبهات.
صرخة علا صوتها فأصمت كل من يتخذ الدين والطائفية شماعة يعلق عليها تطرفه وبراثن أفكاره الهدامة.
عجبا.. كيف استطعت يا أبا عدنان وأنت جثة هامدة قيادة الرأي العام وتحريك مساره ليستقيم في خط واحد!
وكأنك ما زلت تؤدي دورا من أدوارك على خشبة المسرح، لا بل هو الدور الذي كنت تتمنى تمثيله على مسرح الحياة الكبير، سألت الله أن يحققه لك كآخر أمنية لك قبل أن تلقاه، فكان لك ذلك..
أتساءل بيني وبين نفسي، هل سمع الفنان الكويتي عبد الحسين تصفيق الجمهور؟!
هل وصلك رضاه عن آدائك لهذا الدور الذي راودك ك مواطن شريف كل همه أن يكون رسول سلام.
الإسلام رسالة سلام وقد كان الفنان عبد الحسين «نبيا» في هذا الشأن، فقد بلغ هذه الرسالة من خلال فنه.
بلغ مجتمعه أن الإسلام يحتوي الإنسان في جميع حالاته، لا يفرق بين غني ولا فقير.
وأن السعادة الحقيقية لا تقاس بالمال والجاه بل تتحقق بالبساطة وراحة البال حين تتقاسمها مع من تحب، وتشعر بها عندما تكون سببا في سعادة الآخر، وأن أي شخص كان، مهما بلغ به الغرور والتعالي، وغررت به المادة فإنه حين يقع لن يجد له أحدا يحتضنه ويخاف عليه أكثر من أسرته التي تحتويه وتقبله كيفما كان، إن سار في درب الزلق فلم تقم له من بعدها قائمة..
وهكذا أنت يا أمة خاتم الأنبياء!
رحمك الله يا أبا عدنان وغفر لك وأسكنك فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.