وسائل التواصل طريق شائك
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي داء يصيب الكثيرون ممن لايجيدوا استخدامه وظاهرة تستوجب حلا سريعا لما فيه من انحطاط أخلاقي وانحراف سلوكي.. وقبل التطرق لهذه المادة رأيت لزاما التنويه عن الهدف من التربية وفقا لما جاء في كتاب ”شمس التربية نحو وعي تربوي أسري“.
حيث ورد فيه مفاهيم تربوية برؤى نفسية وسأكتفي هنا بتوطئة عن...
”التربية هي صياغة الشخصية بالشكل الذي يتيح لها اكتساب القيم الإنسانية الرفيعة وصقل الروح الوطنية ومتانة الأخلاق“.
ومما لاشك فيه أن الطفل ما بين 10 - 16 في مرحلة خطرة أيما خطورة حيث النمو المطرد الجسدي والمعلوماتي ومرحلة تعتبر مرحلة الاستكشاف والمعرفة والوصول إلى فك الشفرات وصولا إلى معرفة المجاهيل.. فيتشكل وفقا لما بُرمج عليه من توجيهاتٍ ومعطياتٍ.
وعلى ما يرافقهُ من كمٍ كبيرٍ من أسئلةٍ فرضتها الطبيعة عبر تغيرات بيولوجية وفسيولوجية.
فإذا تمت برمجته على معايير واتجاهات قويمة فلا ضير عليه من ويائس التواصل الاجتماعي فلديه مخزون وافر من القيم والمُثل يحميه عند تعرضه لهزات أخلاقيةمن خلال تواصله عبر وسائل التواصل الاجتماعي. والعكس إذا كان خالي الذهن من المعطيات التربوية فسيكون سلعة رخيصة في أيدي شيطانية طائشة منتفعة هدفها التضليل والانحراف السلوكي فتبدأ ببث السم في الدسم بمغريات إشباع غريزة الفضول واستقلال وسائل التواصل بنشر المرئي والسمعي من الأفلام الإباحية.
فبمجرد مشاهدة هذه المواد الإباحية ينطبع الانحراف الجنسي في دماغه ويصبح جزء في توجيهه السلوكي الجنسي وتتشكل معه ذكريات يستدعيها مستقبلا بعاطفة الإثارة بواسطة هرمون ”الإدرينالين“ وهنا منبع الخطر لصعوبة محو هذه الذكريات العالقة منذ الطفولة لأنها تقدم العنصر المهم في التشويق وهو الصورة، إن الصورة تعتبر أهم إغراء للعقل ومخاطبة الغرائز الفطرية في اطلاق الحرية غير المقيدة دون وعي وإتاحة المجال له للتعامل معها بعيداً عن الرقابة. والخطورة الحقيقية تكمن في التأثير النفسي حال مشاهدة المواد الإباحية بجميع اشكالها وصورها ومصادرها ويصبح لديه:
- إدمان باعتبار الدافعية لمشاهدة المزيد من هذه المواد واستثارة الفضول.
- التأثير على السلوك بشكل ملحوظ كالقلق، الإكتئاب، التوتر، الغضب، العدوانية.
- مدخلا للعلاقات التطبيقية وتحويل المشاهدات إلى واقع ملموس مع أطفال سذج.
- إغراءات النفس الخيالية وأحلام اليقظة على حساب الواقعية من خلال خيالهم الذي يسبح في عالم الأمنيات الذي يمني نفوسهم بما يشاهدونه.
- الإنصراف الجزئي أو الكلي عن مطالعة الدروس والبرامج المفيدة
- الشذوذ، والانحراف الخلقي.
- التوهم والوسواس.
- الحزبية والتعصب
فضلا عن الآثار النفسية الذي يفرزه هذا السلوك الشاذ نتيجة إخضاعهم تحت وطأة التهديد والابتزاز والإدمان وجعلهم مسلوبي الإرادة فاقدي متعة الحياة هاربون من ذواتهم إلى ذواتهم المطارة بنفسيات مهلهلة تائهة تحت ناقوس:
- الانهزام الذاتي والشعور بعدم الثقة بالنفس.
- الانسحاب من المجتمع وعدم التوافق مع العائلة والأسرة.
- التسرب الدراسي والهروب من المنزل.
- التبول اللاإرادي ومص الأصابع وعض الشفتين.
- الشذوذ الجنسي.
- الهروب من الزواج الشرعي.
- الحزن الشديد والشك.
ونقف أمام سؤال يطرح نفسه من المسؤول عن حماية الطفل والشباب درءا للأثار النفسية وتحصينا لحياته المستقبلية؟!
واقعا كافة عناصر المجتمع مسؤول.. البيت والمدرسة والإعلام والمسجد كلهم مسؤولون ويقع على كاهلهم المسؤولية الفردية والجمعية. ولاسيما على الأسرة النصيب الأكبر كونها المؤسسة الأولى التي يتلقى فيها الأبناء أفكارهم وسلوكهم وعواطفهم وبهذا تكون الأسرة ذات فاعلية في اتجاه الابناء السوية أو الشاذة خلقيا.
ويتجلى ذلك من خلال غرس المفاهيم التربوية وتحرير الشخصية من الخوف ومن ثم التركيز على استخدام ملكاته ومستوى إدراكاته وهذه نقاط مهمة جدا لتشجيعه للخروج مما علق في العقل اللاواعي الذي بدأ في هذه المرحلة عملية التراكم الكسبي منها:
- تفعيل الحوار الفعال منذ الطفولة.
- التوجيه السليم نحو تكريم الذات.
- تعويده على طرح مشكلاته ومناقشتها بصراحة.
- غرس الثقة المتبادلة بينهم.
- زرع الرقابة الذاتية.
- بناء الألفة.
- غرس المفاهيم والقيم الدينية.
- ترسيخ مفهوم العفة المتمثلة في ستر العورة وتطهير اللسان من الكلام الباطل والمبتذل.
- تزويده بالمعلومات الشرعية.
- التربية الجنسية حفظا من الوقوع في التجارب الجنسية.
- إحاطته علما بمعنى التحرش الجنسي حتى لايقع فريسة الجهل والضياع والإغراء.
- مراقبتهم في السر منعا لهدم الثقة بالنفس.
- الدعوة المستمرة إلى الأخلاق والدين القويم.
جميعنا مدرك أن التربية عمل سام مكلف بها الإنسان وعليه أن يسلك به الطريق السليم ليبعد الأطفال عن العبثية والعبودية والابتزاز والهمجية.. وفق الله الجميع.