الطفل الذي ضاع
كان يعيش مع أخته وأخيه بالإضافة إلى أمه في عائلة فقيرة، ويتعاون مع أخيه الأكبر في توفير احتياجات عائلاتهم المختلفة، يتجاوزان المخاطر سويا ويتعاونان ويتكاتفان للتغلب على ضنك الحياة، غادرا منزلهما عند الفجر، بعد تردد من قبل الأخ الكبير خوفا على أخيه الصغير، ولم يدر في خلدهما أن تلك المغادرة ستكون الأخيرة، أخذ التعب من الطفل الصغير ذي الخمس سنوات مأخذه ونام، وعندها حصل الفراق بينهما، تنقل الطفل الصغير من بيت إلى آخر، حتى وصل إلى ملجأ للأيتام، بعدها تم تبنيه من قبل عائلة استرالية.
ذلك كان جزءاَ من مقطع لفلم هندي تحت أسم «LION» يحكي قصة واقعية لطفل ضاع من أهله في احد شوارع كالكوتا، لم يكن هذا الطفل هو الوحيد الذي تم تبنيه من قبل تلك العائلة، بل تبنت العائلة طفلا هنديا آخر كان مريضا، حيث كان
يضرب وجهه في الجدار عندما يغضب، وقد اعتقدت أن العائلة ستعيد ذلك الطفل إلى الملجأ، باعتبار أنها لن تتبنى طفلا لديه مشكلة من هذا النوع، ولكن في نهاية الفيلم اتضح أن الطفلان ظلا تحت رعاية تلك العائلة، ذلك يوضح أي نوع من البشر تمثله تلك العائلة، ومعدنها النقي، ورغم المشكلة الكبيرة التي كان يعاني منها احدهما.
بعد خمس وعشرين عاما، وأثناء حديث الابن الأول مع والدته، أعرب لها عن أسفه لأنها لم تكن تنجب أطفالا، وعندها كانت المفاجأة، التي لم تكن تخطر على باله، حيث ردت عليه ومن قال لك أنني لا أنجب، إنني لم أنجب لاعتقادي أن هناك في العالم عدد كبير من الأطفال، فلماذا نزيد عددهم، وهناك من يحتاج إلى رعاية منهم، كان وقع تلك الكلمات على ذلك الشاب كالصاعقة، كلمات من ذهب
وقيمة عالية، وهدف نبيل، وشخصيات قل مثيلها على مستوى العالم، أنها كلمات تستحق الوقوف عندها طويلا، وحري بنا أن نعرف أن العالم مليء بالمواقف الراقية، بل الراقية جدا، وخارج نطاق المألوف والمتعارف عليه.
يحن ذلك الشاب وبقوة للتعرف على عائلته، يبحث عبر الانترنت، يتذكر المسافة التي قضاها مشيا من القطار حتى وصل إلى أول عائلة جلس لديها، فاستطاع أن يصل إلى منطقته ومن ثم قريته وبعدها منزله، إلا أن المفاجأة كانت أن منزله أصبح موقعا للبهائم، لم ييأس سأل الناس من حوله، سأل أهل القرية إلى أن دلوه على عائلته، حيث كان اللقاء العظيم مع والدته، التي أخذته بالأحضان، ويستمر الفيلم إلى أن يصور لنا لقاء الأم الحقيقية بالأم المتبنية.
كثيرة هي الأفلام الجميلة والتي تصور لناء معاناة من الواقع، إلا أنها أيضا تنقل لنا جانبا مشعا ومنيرا من البشر، الذين يرغبون في عمل الخير لذاته، فهم مجبولون على فعل الخير، ولنا أن نأخذ العضة والعبرة منهم، فهم شموع مضيئة في ظل العتمة التي تحيط بنا، جعلنا الله ممن يشاهدون القصص، فيأخذون العضات والعبر، ويطبقون أفضلها وأهمها.