آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

قضمة من الكعكة

سلمى بوخمسين صحيفة اليوم

قبل مدة وفي موسم مهرجان الأفلام السعودية تحديدا، كنت أحلق بكل حبور حين وصلتني قائمة الأفلام المشاركة في المهرجان مصحوبة بأسماء مخرجيها. ليس فرحا لما وصلت إليه السينما السعودية الشابة خلال أعوام قليلة فحسب، بل لأن هناك من بين تلك الأسماء يشرق اسم إحدى عضوات فرقتنا «آمنة». كنت أتأمل حروف اسمها الأربعة وأبتسم، فهذه المخرجة السينمائية والمسرحية الشابة والتي تنافس أسماك القرش والمخضرمين هنا بجدارة هي ذاتها البنت الخجولة التي كنت ألقنها أبجديات الفن ومهارات مواجهة الجمهور وتقنيات الوقوف على خشبة المسرح قبل أعوام قليلة فقط، تترقرق الدموع في عيني، فكم هذه الفتاة رائعة، بل كم هم جميعا رائعون، أبنائي وبناتي الذين كنت إحدى محطات حياتهم أطفالا أو مراهقين وقد تجاوزوني بأميال ضوئية حتى أصبحوا اليوم نجوما كل منهم يحلق في سمائه الخاصة. أخذت نفسا عميقا وسرحت مع مشاعري أتأمل طيف السعادة الذي يغمرني، مما يتكون، لما أنا سعيدة إلى هذا الحد! هل أنا سعيدة لهم وبهم فقط أم أني لا شعوريا أنسب ولو بنسبة ضئيلة القليل من ذلك الإنجاز لي، فأصبحت ضمنيا شريكة في ذلك النجاح!!

توقفت لبرهة وكأني أدرك للمرة الأولى أن هناك أحيانا ظلالا خفية من الأنانية حتى في مشاعر السعادة التي نحملها للآخرين. حينها حضرني العديد من المواقف وتذكرت العديد من الوجوه، لطالما جاءت عبارات التهنئة ممزوجة بعبارات التفضل واسترجاع الجميل والمن وإن كان بأكثر الطرق تهذيبا ولطافة. «تذكر أني من دلك على هذا الطريق»، «أنا من ألهمك الفكرة»، «ألم أكن أول من آمن بقدراتك» الخ الخ!!! هذا أعادني إلى إحدى العبارات الشائعة «الناس أعداء النجاح»، لكن ما اتضح لي أنهم لن يعودوا أعدائه حين يجدون طريقا لمشاركتك في نجاحك، فإما هم أصحاب فضل عليك ولو بالدعاء لك في ظهر الغيب أو هم شركاؤك بالانتماء، فهم من ذات العائلة أو الوطن أو الملة مما يجعل نصرك نصرا لهم جميعا. أما لو كان الإنجاز لك وحدك فهنا ستتكشف الحقيقة وستعرف من يحبك بالشكل الكافي ليفرح لفرحك ولو لم يكن له من الطيب أي نصيب.

عدت إلى طيف مشاعري بعد تأمل ساعة وقد اتضحت لي تفاصيل الصورة أكثر، فأنا كالكثيرين أتعلق بقشة المشاركة وأبحث عن بصمة تثبت أني مررت من هنا. وبالرغم أن هذه تعد إستراتيجية نفسية مقبولة إلا أنني رفضت أن أمارسها بوعي أو دون وعي فلكل مجتهد نصيب وحين تعتاد أن تنسب إنجازات الآخرين لنفسك ستكون في غنى عن صنع إنجازات خاصة بك تماما.

حب لأخيك ما تحب لنفسك، هكذا خاطبت نفسي بصوت مسموع وسمحت لتلك الترددات أن تتغلغل في روحي وتنقي قلبي، أنا الآن سعيدة لهم وسعيدة بهم وسعيدة لكل المنجزين في العالم. سأصفق حين يلتهمون كعكة النجاح خاصتهم وإن لم يكن لي قضمة من الكعكة ولكني حتما سأتحفز كي أعد كعكتي الخاصة.