نداء الملائكة
أثار الإعلام الألماني قبل أسبوع قضية ليندا الفتاة الألمانية، والتي وجدت أسيرة بين النساء في الموصل وذلك بعد تحرير ها على يد الحشد الشعبي. وفتحت تلك الفتاة الكثير من الملفات لأشخاص قد انضموا لداعش من أوروبا ذكوراً أم إناثاً. والذين تركوا أوطانهم التي تمتاز بالطبيعة الساحرة والتقدم العمراني متناسين الأمن والاستقرار النفسي وذهبوا للعيش في دهاليس الموصل، وأنفاق الرقة، ويناموا على أزيز الرصاص ويصحوا على قطع الجثث المتناثرة. وتفيد التقارير بأن الكثير منهم ليسوا من الطبقة الفقيرة أو الأمية، بل يعتبر أغلبهم من ذوي طبقة متوسطة وعلى مستوىً عالٍ من التحصيل العلمي.
وهنا تذكرت قصة قد حدثت قبل ثلاثين سنة تقريبا رواها لي أحد الاصدقاء. حيث يقول بأنه قد سافر إلى إحدى الدول الاوروبية سراً، وهناك التقى بأحد الاشخاص ليذهب بعد ذلك إلى إيران. حيث كانت الخطة بأن يدرس بالحوزة العلمية كي يصبح شيخاً، ولكن الأقدار قادته للعودة للقطيف من جديد. وفي المقابل أيضاً لي صديق حدثني عن قريب له كان ينوي السفر لكابول، ولكنه وقع في يد عمه الذي كان يتأهب لصلاة الفجر.
إن مشروع استقطاب الشباب ودعوتهم للانضمام في جماعات سرية لتحقيق غايات وأهداف معينة، مشروع قديم لا يزال حتى الان يسير بنفس الخطة ولكن ما حدث بأن الالية في التجنيد قد تغيرت. كجماعة فرسان الهيكل التي عاشت في القرن الثاني عشر الميلادي، وجماعة الحشاشين التي كان يقودها حسن الصباح في القرن العاشر الميلادي. وبالرغم من اختلاف أهداف الجماعات إلا أن هناك عنصر مشترك بينهم خلال عملية غسيل المخ، وهي إقناع الشباب بتلك الملائكة التي تناديهم من السماء وتنتظرهم في مكان ما من العالم.
لقد كانت إحدى توصيات الدراسات والأبحاث العلمية التي تمت من قبل بعض المراكز المختصة في أوروبا، بعد قضية انضمام بعض الشباب في أوربا إلى داعش، هي أن يتم رفع مستوى الرقابة من قبل أولياء الأمور على المراهقين والمراهقات فيما يخص تصفح الشبكة العنكبوتية. فقد كان السبب الرئيسي في هروب الفتيات وانضمامهم لداعش هو وقعوهم في حب شباب عبر مواقع التواصل منضمين أصلاً لداعش، ووظيفتهم هي استقطاب الفتيات من مختلف دول العالم. أما بالنسبة للشباب فقد كانوا يعانون من مشكلة في مفهوم الذات وفقدان للهوية. وهنا يظل اولياء الامور مسؤولين عن مراقبة أبناهم، وتشكيل هوياتهم، وحمايتهم من الانضمام للجماعات المسلحة. ومراقبة الأبناء يجب أن تكون في الإطار التربوي، إضافة لتعاون الآباء مع الجهات المختصة من ذوي الخبرة.