آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 4:07 م

مشكلة الإستهلال

محمد سعيد الدبيسي

هناك تساؤل.. هل من الممكن توحيد الناس ذوي المذهب الواحد على ”إستهلالٍ“ واحد؟.. يجتمعون عليه في كل عام.

الجواب لايمكن.. لما عليه مراجع التقليد العظام من فوارق في طرق الإجتهاد وأدوات الإستنباط عند محاولاتهم إستخراج الأحكام الشرعية.. هذا معروف وربما أختلافهم في «بعض المسائل المختلف فيها» يعد فسحة للمرجع ودفعا لعطائات فقهية أكثر قيمة وجلاء وفائدة لخدمة الإسلام والمسلمين.

لكن.. هناك أمنية يتوق لها الأتباع.. بل يتوق لها كل المسلمين عامة وإن بدا بعيد المنال في الدائرة الإسلامية الواسعة.

على سبيل المثال.. يقتضي - في أسرتك الصغيرة أحيانا - أنك تفطر إتباعا لمرجعك الذي أعتبر ذلك اليوم «عيدا» لحصول اليقين عنده بثبوت هلال شوال بينما زوجتك - شريكة حياتك - صائمة لعدم حصول الثبوت عند مرجعها.. فينقسم العيال بين صائم وفاطر طبقا لرأي مراجعهم في ذلك اليوم وقيس على بقية المجتمع والطائفة.

في ظني، الشرط - الإفتراضي - في حل هذه المشكله يكمن في إجتماع مراجعنا العظام على إستهلال واحد من خلال

”مجلس شورى المراجع“ واليكن في هذا الأمر دون سواه أو بعض المسائل التشريعية.. لرفع الحرج إجتماعيا عن الناس وعدم تجزيئ مناسباتهم الأمر الذي يؤدي لإطفاء وهجها بتباين الإستهلال.

من البديهي القول أن الإجتماع أفضل من الفرقة.. لأن في التوافق بعدا يوحي بالقوة والإنسجام والإشباع العاطفي.. ينعكس ذلك جدبا وثناء للمذهب.. لذلك فإن إجتماع كل الأتباع في إحياء مناسباتهم الدينية بتاريخ غير مختلف عليه، يُعد من الآمال الإجتماعية المفرحة التي تسكن في وجدان كل فرد في المجتمع.

ما أن يقترب ”رمضان المبارك“ - لعتبة خروجه من الشهر - حتى تتوالى المكالمات ليلاً على مكاتب المراجع العظام والوكلاء الأفاضل - كالهذير - تستفسر.. يا سماحة السيد وياسماحة الشيخ أفيدونا..

«ثبت أو ماثبت.. بكره شوال أو إتمام رمضان؟»

والصائمون في حال كما لو أنهم ينتظرون غائباً.. مُعلقين على ورود رأي مرجعي من فقهائهم حفظهم الله أو من جهة يثقون بها.

وكما نعلم أن الإستهلال بتاريخ معين يورد فيه أتفاق ويورد فيه إختلاف أحيانا بين المراجع، بمعنى ليس هناك بالضرورة توافق دائم «لعيد الفطر المبارك» بالخصوص.

إذ أن كل مراجع التقليد - بما لهم من أختصاص ومرتبة - لهم طرقهم الخاصة لرؤية الهلال من عدمه.

قد يقول قائل ما شأنك والدخول في مجال الفقهاء والعلماء؟!

أقول كل شخص له الحق أن يثير أسئلة لأهميتها إجتماعيا.. تلمسا لممكن في هذا الموضوع وإن بدا منالها فرضيا.

تسائلات مشروعة أحسبها تلج في مشاعر الناس وخواطرهم.. رأيت أن أثيرها وإن بدا حلها المأمول إفتراضيا كما قلت.. إلى أن يجد مراجعنا العظام - أدامهم الله - تخريجاً فقهياً لهذا الإبتلاء المتكرر الذي يجزء فرحة العيد ويصيب وهجها بالفتور.. والله أعلم.

كل عام وأنتم بخير وسلام.