مخرج يوثق حياة المكفوفين في فيلم ”بصير“
وثق المخرج والمصور أحمد السيهاتي حياة المكفوفين في فيلم ”بصير“، مسلطًا الضوء فيه على كيفية تعامل الكفيف مع الحياة، وبداية إنشاء مركز للمكفوفين في محافظة القطيف.
وبين السيهاتي الذي صور وأنتج الفيلم لـ ”جهينة الإخبارية“، أن الفيلم عبارة عن رسالة موجهة إلى المجتمع في توعيته بكيفية التعامل مع الكفيف باعتباره إنسانًا طبيعيًا، سعيًا إلى الاختلاط والتعايش في المجتمع بكل مكوناته وأطيافه.
وأكد أن الكفيف إنسان مثلنا لديه مجال للإبداع إن سنحت له الفرصة، داعيًا المجتمع لإعطاء المكفوفين فرصة للإبداع والبروز والتفاخر بهم، وإظهار طاقاتهم في كل مناسبة اجتماعية تقام وتخصيص ركن لهم وإعطائهم أولوية في المشاركة، وإبرازهم إعلاميًا.
وقال: ”قد يوجد كفيف في أي مكان قريبًا منك، يملك موهبة يحمل في طياته الإبداع، لكنه ليس محط الانتباه بسبب خجله أو انطوائه، حاول أن تجعله يظهر إبداعه، وذلك أن تفتح له نافذة يشرق منها كخيوط الشمس“.
وقال: إن التصديق بهم يجعلهم طاقة نفتخر بها، إنهم رمز عظيم لدينا وتواجدهم يشرفنا بأن نكون من صحبتهم والمقربين لهم"، مؤكدًا أن طهارة قلوبهم تمكنهم من صنع أشياء قد لا يمكن للإنسان المبصر صنعها.
ووصف تعايشه مع بيئة المكفوفين أثناء التصوير بأجمل لحظات حياته لقربه منهم واستشعار قلوبهم الطاهرة والصادقة، وقال: ”في بيئة عملي معهم وجدت الصدق والأمانة والإخلاص في التعامل، ولديهم روح التعاون والكرم حتى مع الغريب“.
وذكر أن روحهم أخوية يحبون الاختلاط بالناس يسعدون في رؤيتهم والتعامل معهم في أي وقت، مستشعرًا أن الكثير منهم لديهم طاقات ويرغبون في إظهارها للمجتمع لكن لم تسنح لهم الفرصة.
وأبصر فيهم الذي يحلم بأن يكون فنانًا مسرحيًا، ومن يرغب بإنتاج الأفلام، سعيًا بخدمة المجتمع والبروز فيه وإن كانوا من كفيفي البصر، وقال: ”مع ذلك أجدها قابلة للتصديق، فلديهم عزيمة كفاح لم أرى لها مثيل، حتى من خلال مقابلاتي معهم انطلقوا بمحبة وود وتعاون وأعطوا جميل ما في قلوبهم“.
وجزم أن التعامل مع الكفيف أجمل ما يمكن تجسيده في صفاء الروح، بكون الكفيف بحد ذاته معجزة بشرية تتحرك لما يسمو له من معان الكفاح والصبر والحرية، وقال: ”فيلم بصير أقدمه لكل كفيف كافح في حياته من أجل حياة كريمة“.
وذكر مدير مركز المكفوفين في القطيف باقي حبيل، أن انطلاقة مركز المكفوفين في محافظة القطيف بدأ من خلال الملتقى الأول، الذي أقيم عام 1428 هـ في قاعة الملك عبد الله الوطنية بالقديح برعاية محافظ القطيف آنذاك عبد الله العثمان، وبمشاركة فاعلة من مدير عام التربية الخاصة الدكتور ناصر الموسى، وبحضور عدد كبير من رجالات المجتمع.
وتابع: وكانت انطلاقة المركز في عام 1429 هـ في غرة ربيع الأول، حيث قدم خدمة لكافة شرائح المجتمع للمكفوفين على مستوى الذكور والإناث.
تعامل الكفيف مع الحياة
وذكر الكفيف أحمد العلوان - خريج جامعي -، بأن حياته بدأت بعد تخرجه من الثانوية - منازل -، مفضلاً الدراسة الجامعية ”انتساب“ في جامعة الملك سعود.
ونوه إلى أنه صُدم بعدها بالواقع، محاولاً الخروج من العزلة بالانخراط مع الجميع، بداية من الشباب الذين كانوا معه في السكن إلى أن تخرج، وبمرور الوقت أندمج أكثر مع المجتمع.
وقال: ”إن مركز المكفوفين ساعدني على الاندماج كثيرًا مع المجتمع“، منوهًا إلى أنه كان متأملاً الحصول على وظيفة ليصدم بعدم توفر الوظائف.
وذكر أستاذ اللغة الإنجليزية الكفيف حسن الفارس الذي كان كفيفًا من ولادته، أن والده - رحمه الله - كان حريصًا على تعليمه، وقال: ”أرسلني والدي إلى دولة العراق، حيث درست المرحلة الابتدائية والثانوية، لأعود إلى الوطن موظفًا في معهد النور بالشهادة الثانوية“.
وأشار إلى أنه أرسل في عام 1399م إلى الولايات المتحدة الأمريكية للدراسة والتخصص في اللغة الإنجليزية من قبل الحكومة السعودية ليقضي 5 سنوات حتى عام1984م، وقال: وبعدها عدت للوطن ومارست عملي كمدرس لغة عربية إلى 2006م.
وأفاد بأن حياته كانت بمجملها راقية، ”لم أعاني كما عانى الآخرون من الزملاء والأصدقاء، الذين سبقوني أو في نفس جيلي في الأمور المعيشية والتكيف مع الوضع، حيث أن والدي وفر لي كل أسباب الراحة والرخاء“.
وأضاف: ”وفي أمريكا لم أعان شيئًا، ذهبنا مجموعة وبعضنا تكيف مع الوضع وهناك شاركنا في بعض التدريبات، التي تُعنى بفن الحركة والانتقال وكذلك في المركز“.
وذكر الكفيف حسن مسيبيح، أن حلم إنسان بتكوين حياة أسرية قد تقلق وتجعل الكفيف ينتابه اليأس، وقال ”بدأت حياتي الزوجية وأنا طالب جامعي، ورزقت طفلاً“.
واعتقد بأنه بعد تخرجه سيحصل على وظيفة، حيث قام بتوظفه في البداية ناصر الموسى وحصل على ترقية، ليكون بعدها المسيبيح بلا وظيفة، مشيرًا إلى أنه يستلم من الضمان الاجتماعي والرعاية الاجتماعية للتأهيل الشامل ما يعينه على ضنك العيش، متمنيًا أن يوفق في الحصول على وظيفة لتحسين وضعه المادي، بكونه أب لولدين.
وقال أحد الأطفال: ”أنا طفل كفيف وهذا عالمي، تكيفت وعشت حياتي بين الناس، أبصرت بقلبي وبجمال روحي معهم، صنعت عالمي الخاص وأصبحت حياتي جميلة، لذا صرت بصيرًا“.