شعراء يناقشون توقف نمو الشاعر الشعري وكيفية إعادته إلى موطن الشعر
ناقش مجموعة من الشعراء بمحافظة القطيف، ظاهرة توقف نمو الشاعر الشعري أو انحداره ناحية التوقف، وماهية السبل في إعادة الغريق إلى موطن الشعر، والعبور حافة الإفلاس، ليكمل مسيرته الشعرية بكل عنفوان.
جاء ذلك في دهاليز قناة التواصل الاجتماعي ”الواتس اب“، لتأتي رشات المطر من غيمة كل شاعر، أراد الأخذ بيديه ناحية الضفة الأخرى، بعيدًا عن الغرق، استشرافًا لظل وماء وعشب.
ودعا الشاعر عقيل ناجي المسكين، الشاعر إلى أن يحترم هذا النشاط الإنساني، الذي يقوم به، مبينًا أن الشعر ليس مجرد موهبة قام بتنميتها فترة من الزمن ثم تركها تواجه الواقع وتصطدم بمطباته دون ضبط وتحكم من جهة، ودون تزويد بالوقود اللازم لتطويرها من جهة أخرى.
ونبه إلى أن الذي يريد أن يخوض في بحار الشعر، عليه أن يتقن السباحة ليس بشكل جيد بل بشكل ممتاز وإلا سيكون مصيره الغرق.
وأفاد بأن الشاعر يمكنه تنمية قدراته على الدوام، ومن الوسائل لتحقيق ذلك كثرة قراءة الشعر بمختلف مدارسه، منوهًا إلى أنه ينبغي عليه أن يركز على ما هو قريب من روحه وقلبه ووجدانه، ليس بالقراءة فقط وإنما بتكرار القراءة والحفظ عن ظهر غيب - قلب -، حتى يركز ذلك في ذاكرته الحاضرة وفي وعيه ولا وعيه.
وأضاف: كما يجب عليه أن يكثر من حضور جلسات الشعر والمباحثة فيه ودراسته ونقده، مؤكدًا أن ذلك يقوي ذائقته الشعرية والنقدية، مشيرًا إلى أنه إذا لم يفلح هذا الشاعر، فخير ما يستشهد به هنا، هو ما قاله الخليل بن أحمد الفراهيدي: إذا لم تستطع شيئًا فدعهُ / وجاوزه إلى ما تستطيع.
وبين الشاعر ياسر الغريب، أن النمو الشعري، يتوقف عندما تضيق بنا المسارات، وقال: لكن الشاعر الحاذق، هو من ينهل من منابع شتى، وسيجد نفسه أكثر حيوية، الشِّعر ليس بكثرة الكتابة، إنما بالتصميم على كل كتابة، تعتبر تجربة جديدة.
ونوه إلى أن البعض قد يفهم التجديد بطريقة خاطئة، فيظن أنه سيتخلى عن عقائده ومنظومته الأيدولوجية، موضحًا يستطيع الشاعر نفض الغبار شيئًا فشيئًا، ليقوم بكتابة نص مختلف عندما يقرر داخله على ذلك، في حين جزم الشاعر السيد علوي هاشم الخضراوي، أنه بالقراءة المكثفة يعود النهر للجريان.
وذكر الأستاذ نضال الحليلي بعيداً عن التحليل المنطقي والفلسفة، إن الهبة أو الموهبة الشعريّة، لا أظنها تتوقف، لافتًا ولكن الشواغلقد تصرفه عنها أو ربما اشتغالات فكرية فلسفية أو اهتمامات أخرى؛ تذهب به بعيدًا عن الصورة الشعرية.
وقال: الشاعر يجب أن يقرأ دون توقف خصوصًا، النصوص الشعرية، مفيدًا أن هناك شاعر مطبوع، وشاعر يصنع الصور صناعة، وظنًا يعتقد أن من يتوقف، هو من الصنف الثاني، الذي يحتاج للمزيد من القراءة.
ورأى الشاعر سعيد ارهين، أن الشعر الحقيقي كائن لا يتوقف عن النمو، مفيدًا لأنه ليس كالكائنات ذات الأنسجة والخلايا؛ التي يحصر نموها بين قمة وقاعين، قمةٌ هي في الأساس محصورة بين قاع البداية ”الولادة“ وقاع النهاية ”الموت“.
وأردف من هنا فإن الشاعر يحمل بين جنبيه عينًا دافقة وبركانًا قاذفًا، يترجم حممه ودفقاته إلى لغات داخل اللغة الواحدة، هذه اللغات يحجِمها أو يسبح فيها الرائي بحسب نظرته والزاوية، التي يسترق من خلالها النظر.
وقال: ولعمري، إن الشاعر الغارف من ذات اليمِّ وبذات الدلو، لا يكرِر ولا يجتر؛ إلا بحسب نظرة الشارب ودرجة ظمئه، في ظني - لو كشف لنا الغطاء - لوجدنا شعراء لم يكتبوا بيتًا واحدًا، لكن الشعر كامن في أعماق ذواتهم، ربما يتيسر له فتقًا فينبعث - وإليك النوابغ في الأدب العربي -.
وأكد بأن الشاعر الحقيقي، لا يغادر موطن الشعر وإن توقف عن إذاعة الشعر أو توقف عن قرض الشعر في الأساس.
وبين ان شعر الشاعر الحقيقي، هو عين نبضات قلبه ووثبات روحه، فالشاعر الحقيقي يعرج إلى القمة وليس له خيار إلا أن يبقى عليها أو يعرج إلى قمة أخرى أعلى منها شأنًا وليس للانحدار في قاموسه مكان البته.
ونوه إلى أنه حتى بالنظر إلى ضمور الصور وتواضع الخيال عند شاعر كان بالأمس على نقيض ذلك؛ لا يمكننا الحكم على مبدع الأمس أنه قد أصبح مفلسًا اليوم.
واستشهد أحيانًا يكون جهاز القياس المستخدم غير مناسب، لأنّه حيّد عوامل ذات تأثير على القراءة والقياس، وقال: ربما لا يرى ”محماس“ الأشياء في وضح النهار، ذلك شأنه، لكن لا يسوغ له شتم الشمس.